نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 12 صفحه : 203
يقول : «انطلق ثلاثة رهط ممّن كان قبلكم حتّى كان آواهم المبيت إلى غار ، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه والله لا ينجيكم من هذه الصخرة إلّا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم. فقال رجل منهم : اللهمّ كان لي أبوان شيخان كبيران ، فكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا ، فنأى بي الشحر [١] ، فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فجئتهما به ، فوجدتهما نائمين فتحرجت أن أوقظهما ، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا ومالا [٢] فقمت والقدح في يدي انتظر استيقاظهما ، حتى برق [٣] الفجر فاستيقظا ، فشربا غبوقهما ، اللهمّ ، فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ـ قال حجّاج : من همّ هذه الصخرة ـ فانفرجت عنا انفراجا لا يستطيعون الخروج منه».
قال : قال رسول الله 6 : «وقال الآخر : كانت لي بنت عم أحبّ الناس إليّ فأردتها على نفسها فامتنعت مني ، حتى ألمت بها سنة ـ قال حجّاج : جهدت فيه من السّنين ـ فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينارا على أن تخلي بينها وبين نفسي ففعلت ، حتى إذا قدمت عليها [قالت :] لا أحل لك أن تنقض الخاتم إلّا بحقه ، فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحبّ الناس إليّ ، وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللهمّ فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ـ قال حجّاج : من همّ هذه الصخرة ـ فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها».
قال رسول الله 6 : «ثم قال الثالث : اللهمّ استأجرت أجراء فأعطيتهم أجورهم إلّا رجلا واحدا منهم ترك ماله الذي له وذهب ، فثمرت [أجره][٤] حتى كثرت الأموال فارتعجت [٥] فجاءني بعد حين فقال لي : يا عبد الله أدّ إليّ أجري ، فقلت : كلّ ما ترى من أجرتك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ، فقلت له : إنّي لا استهزئ بك فأخذ ذلك كله فاستاقه فلم يبق [٦] منه شيئا ، اللهمّ فإن كنت فعلت ذلك
__________________
[١] كذا بالأصل ، وفي المعرفة والتاريخ : «السحر» وفي مختصر ابن منظور ٦ / ٢٣٤ «فنأى بي [طلب] الشجر».