responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 37


يبايعون فيه بشئ ، ولا بالبغل الأغر الأشقر . قال : فدعا الحجاج ببغلة شقراء محجلة ، فركبها خلافا لرأيهم ، واستشعارا بطيرتهم ، وتوكلا على الله ، ونادى مناديه في عسكره : أن انهضوا إلى قتال ابن الأشعث ، وأمر خاصته فركبوا معه ، وقدم رجالته ، وأخر خلفه مقاتلته ، حتى إذا كانوا من عسكر ابن الأشعث على مثال الأسهم وقف فصف أصحابه وعبأهم للقتال ، وفعل مثل ذلك ابن الأشعث ، وترجل الحجاج وخاصته ، ووضع له منبرا من حديد ، فجلس عليه وترامى الناس ، حتى إذا كاد القتال ينشب ، خرج رجل من أصحاب ابن الأشعث وهو ينادي : ألا هل من مبارز ؟
فقام إليه عنبسة بن سعيد القرشي وهو يمشي مشية قد لامه الحجاج عليها ، وكرهها له . فلما رآه الحجاج وهو يمشي تلك المشية ، قال الحجاج : ظلمتك يا عنبسة ، لو كنت تاركها يوما من دهرك لتركتها يومك هذا . فلما دنا من الرجل ، قال له عنبسة : فمن أنت يا منتخي ؟ فقال : رجل من بني تميم ، ثم من بني دارم ، فحمل عليه عنبسة ، فبدره بالضربة فقتله ، ثم انصرف إلى مجلسه فجلس ، وقد تبين للناس حسن صنعه ، ثم زحف الفريقان بعضهم إلى بعض ، واشتد قتالهم ، وانتحى سفيان على مركزه لم يرم ، والجرشي على مركزه لم يرم ، وكانت ميلتهم على الميسرة ، فنحوا عبد الرحمن العكى .
فلما رآه الحجاج قد انكسرت ناحيته ، وزال عنها ، بعث إليه ابن عمه الحكم بن أيوب في خيل .
فقال : انطلق إلى عدو الله فاضرب وجهه بالسيف حتى ترده إلى مقامه ، ففعل ، وبعث إلى سفيان بن الأبرد يأمره بقتال القوم ومحاربتهم ، فحمل عليهم سفيان وهم مشغولون بالميسرة قد طمعوا فيها ، وكان بإذن الله الفتح والغلبة من ناحية سفيان ، وقد بعث إليه الجرشي يستأذنه للقتال ، فمنعه الحجاج وقال له : لا ، إلا أن ترى أمرا مقبلا ، وتمكنا من فرصة ، فاجتمع الأمر ، وثاب العكى ، وانهزم ابن الأشعث ، واستحقت هزيمته ، فدعا الحجاج بدابته فركبها ، وركب من كان مترجلا معه ، بعد سجود ودعاء ، وشكر كان منه ، على ما صنع الله به ومن كان معه ، وحمدوا الله تعالى كثيرا ، وكبروا تكبيرا عاليا ، ثم انتهى إلى ربوة فأومأ إليها ، ثم استقبل ناحيتهم والسيوف تأخذهم ، وحسر بيضته [1] عن رأسه ، فجعل يقرع رأسه بخيزران في يده ، وهو يتمثل بهذه الأبيات ، وهي من قول عبيد بن الأبرص ، أو من قول اليشكري :
كيف يرجون سقاطى بعد ما * جلل الرأس بياض وصلع ساء ما ظنوا وقد أوريتهم * عند غايات الوغى كيف أقع



[1] البيضة : الخوذة من الحديد يغطي الفارس بها رأسه .

نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست