responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 107


وشباب لا يشوبه هرم ، وقرار لا يخالطه هم . قال الملك : سأنظر إلى نفسي في الاختيار لها مما ذكرت لي ، فإذا كان وقت السحر ، فاقرع علي بابي لتعرف رأيي ، فإني مختار إحدى المنزلتين ، فإن أقمت في ملكي ، واخترت ما أنا فيه ، كنت وزيرا لا تعصى ، وإن خلوت كنت رفيقا لا تجفى . فلما كان السحر . قرع عليه بابه ، فإذا هو قد وضع تاجه ، ولبس أطماره [1] ، فلحقا بالجبل ، فلم يزالا يعبدان الله فيه ، حتى بلغ أجلهما ، وانقضى عمرهما .
فبكى هشام حتى بل لحيته ، ثم نكس رأس طويلا ، ثم أمر ينزع أبنيته وانتقاله ، وأقبلت العامة من الموالي على ابن الأهتم . فقالوا له : ما أردت لأمير المؤمنين ، أفسدت عليه لذته ، ونغصت عليه شهوته ، وقد حرمتنا ما أملنا فيه . قال : إليكم عني ، فإني عاهدت الله ربي ، أني لا أخلو بملك إلا ذكرته الله ، ونبهته ورشدته . ثم رجع خالد إلى فسطاطه ، كئيبا حزينا ، متخوفا يظن أنه قد هلك ، وكان للربيع صديقا . فبينما هو كذلك ، إذ أتاه رسول الربيع .
فقال : يا صفوان ، يقول لك أخوك الربيع : من كان في حاجة الله ، كان الله في حاجته . إنك لما وليت من عند أمير المؤمنين جعل يقول : لله در ابن الأهتم ، أي رجل دنيا وأخرى ، مره يا ربيع ، فليرجع حوائجه ، وليغد إلينا بها نقضها له . فقال الربيع : فاغد علينا بحوائجك رحمك الله ، واحمده على ما صنع ، وأذهب من مخافتك . فغدا عليه بحوائجه فقضيت . وذكروا أنه لم يكن في بني أمية ملك أعظم من هشام ، ولا أعظم قدرا ، ولا أعلى صوتا منه ، دانت له البلاد ، وملك جميع العباد ، وأديت له الجزية من جميع الجهات ، من الروم والفرس والترك والإفرنج والزنج والسند والهند ، وكان قريبا من الضعفاء ، مهتما بإصلاح الأدواء ، لم يجترئ أحد معه على ظلامة ، ولم يسلك أحد معه إلا سبيل الاستقامة ، وكان له موضع بالرصافة أفيح من الأرض ، يبرز فيه ، فتضرب له به السرادقات ، فيكون فيه ستين ليلة ، بارزا للناس ، مباحا للخلق ، لا يفنى أيامه تلك إلا برد برد المظالم ، والأخذ على يد الظالم من جميع الناس ، وأطراف البلاد ، ويصل إلى مخاطبته بذلك الموضع ، راعي السوام [2] ، والأمة السوداء ، فمن دونهما ، قد وكل رجالا أدباء عقلاء ، بإدناء الضعفاء والنساء اليتامى منه ، وأمرهم بإقصاء أهل القوة والكفاية عنه ، حتى يأتي على آخر ما يكون من أمره ، فيما يرفع إليه ، لا ينضم إليه رجل يريد الوصول إليه ، فينظروا أوضع منه إلا أدنوا الأوضع وأبعدوا الأرفع ، حتى ينظر في شأنه ، ويعرف أمره ، وينفذ فيه ما أمر ، ولا يرفع إليه ضعيف ، ولا امرأة أمرا ، وظلامة على غطريف [3] من الناس مرتفع القدر ، ولا مستخدم به إلا أمر باقتضاء يمينه ، وأغداه بمطلبه ، لا يقبل لهم حجة ، ولا يسمع لهم بينة ، حتى لربما تمر به المرأة والرجل



[1] الأطمار : الثياب البالية
[2] السوام : الإبل الراعية
[3] الغظريف : السيد الشريف

نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست