responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 108


أو عابر سبيل ، لا حاجة له فيما مر به . فيقال له : ما حاجتك ، وما قصتك ، وما ظلامتك ؟ فيقول : إنما سلكت أريد موضع كذا ، أروم بلد كذا ، فيقول له : لعلك ظلمك أحد من آل الخليفة تهاب أمره ، وتتوقع سطوته ، فذلك الذي منعك عن رفع ظلامتك إلى أمير المؤمنين ، فيقول : لا ، والله لا أبغي إلا ما قلت . فيقال له : اذهب بسلام ، حتى لربما أتت عليه تارات من الليل ، وساعات من النهار لا ينظر في شئ ، ولا يأتيه أحد في خصومة لاستغناء الناس عن المطالب ، وتعففا من المظالم ، ووقاية من سطواته ، وتخوفا من عقوبته ، وقد وسع العباد أمنه ، وأشعرهم عدله ، وصارت البلاد المتنائية الشاسعة ، كدار واحدة ، ترجع إلى حاكم قاض ، يرقبه الناس في المواضع النائية عنه كما يرقبه من معه ، وقد وضع العيون والجواسيس من خيار الناس ، وفضلاء العباد ، في سائر الأمصار والبلدان ، يحصون أقوال الولاة والعمال ، ويحفظون أعمال الأخيار والأشرار ، قد صار هؤلاء أعقابا يتعاقبون ، ينهض قوم بأخبار ما بلوا في المصر الذي كانوا فيه ، ويقبل آخرون يدخلون مسترقين ، ويخرجون متفرقين ، لا يعلم منهم واحد ، ولا يرى لهم عابر ، فلا خبر يكون ، ولا قصة تحدث ، من مشرق الأرض ولا مغربها إلا وهو يتحدث به في الشام ، وينظر فيه هشام ، وقد قصر نفسه على هذه الحال ، وحببت إليه هذه الأفعال ، فكانت أيامه عند الناس أحمد أيام مرت بهم ، وأعفاها وأرجاها ، قد لبس جلباب الهيبة على أهل العنود والكيود ، وارتدى برداء التواضع إلى أهل الخشوع والسكون ، وكان قد حبب إليه التكاثر من الدنيا ، والاستمتاع بالكساء ، لم يلبس ثوبا قط يوما ، فعاد إليه ، حتى لقد كان كساء ظهره ، وثياب مهنته ، لا يستقل بها ، ولا يحملها إلا سبعة مئة بعير ، من أجلد ما يكون من الإبل ، وأعظم ما يحمل عليه من الجمال ، وكان مع ذلك يتقللها ، وطالت أيامه ، واستبطأ صاحب العهد بموته ، فناوأه وعاداه ، وانتقل عن الموضع الذي كان به هو والوليد بن يزيد ابن عبد الملك ، فمات هشام والوليد غائب ، فأتاه موته ، فأمر بقفل الخزائن ، فلم يجدوا لهشام ما يكفنونه به ، واستؤذن الوليد في إقباله ، فلم يدفن هشام حتى قدم الوليد ، وذلك في ثلاثة أيام .
بدء الفتن والدولة العباسية قال : وذكروا أن الهيتم بن عدي أخبرهم ، قال : اختلفت روايات القوم الذين عنهم حملنا وروينا ذكر الدولة ، فحملنا عنهم ما اختلفوا فيه وألفناه ، فكان أول ما اختلفت فيه الرواية ، ولم تلائمه الحكاية ، أشياء سنذكرها في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله ، واقتصرنا على معانيها ، وقيدنا بعض ألفاظها لطول أخبارها ، واجتنبنا الجزل السمين من اللفظ ، ورددنا هزيله لنزر فائدته ، وقلة عائدته ، وقد اختصرنا وأشبعنا إذ لم نترك من المعاني المتقدمة شيئا ، والله الموفق للصواب .

نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 2  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست