على أن لام
الجحود ليست بمعنى «كي» ، ولا بمعنى «أن» ؛ و «حتى» للغاية ليست بمعنى «أن» ، فكيف
تحملان في النصب على ما ليستا بمعناه.
وقال الكسائي
من بين الكوفيين : إن «حتى» ليست في كلام العرب حرف جر ، وإن الجرّ الذي بعدها في
نحو : (حتى مطلع الفجر)[٢] ، بتقدير حرف الجر ، أي «إلى» بعدها ، أي : حتى انتهى
إلى مطلع الفجر ، فلا يرد عليه الاعتراض في حتى ، بأن عوامل الأسماء لا تعمل في
الأفعال ، كما ورد على سائر الكوفيّة ، بل يرد عليه : أنها غير مختصة بقبيل ، لكن
في مذهبه بعد ، لأن حذف الجارّ وبقاء عمله ، في غاية القلة ، فكيف اطّرد بعد «حتى»
، وأيضا ، كيف اطرد حذف الفعل بعدها مع انجرار الاسم.
وعند الجرمي [٣] : أن الفاء ، والواو ، وأو ، ناصبة بنفسها.
وقال الفراء :
الأفعال بعد هذه الأحرف منتصبة على الخلاف ، أي أن المعطوف بها صار مخالفا للمعطوف
عليه في المعنى فخالفه في الاعراب ، كما انتصب الاسم الذي بعد الواو في المفعول
معه ، لمّا خالف ما قبله ، وإنما حصل التخالف ههنا بينهما ، لأنه طرأ على الفاء
معنى السببيّة ، وعلى الواو معنى الجمعية ، وعلى «أو» معنى النهاية أو الاستثناء [٤].
وقولهم في نحو
: لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، انه نصب على الصّرف بمعنى قولهم : نصب على الخلاف ،
سواء [٥].
وكذا زعموا أن
انتصاب الظرف في نحو : زيد عندك : على الخلاف ، كما مضى في باب المبتدأ ، والظاهر
من مذهبه أنه جعل الخلاف أمرا معنويا ناصبا ، كما أن الابتداء
[١] تقدم في أول
الكتاب ، وهو من معلقة طرفة بن العبد ؛