وأمّا حرف
الإنكار ، فهو زيادة تلحق آخر المذكور في الاستفهام بالألف خاصة ، إذا قصدت إنكار
اعتقاد كون المذكور على ما ذكر ، أو إنكار كونه على خلاف ما ذكر ، كما تقول ، مثلا
، جاءني زيد ، فيقول من يقصد تكذيبك ، وأنّ زيدا لا يأتيك [١] أزيدنيه ، أي : كيف يجيئك ، فهذه العلامة بيان أنه لا
يعتقد أنه أتاك ؛ ويقول ذلك : من لا يشك أن زيدا جاءك ، وينكر أنه لا يجيئك ،
فكأنه يقول : من يشك في ذلك ، وكيف لا يجيئك ؛
قال الأخفش :
إن هذه الزيادة موضوعة لإنكار كون المذكور على ما ذكر ، فقط ، فإن أريد إنكار كونه
بخلاف ما ذكر ، فهو على وجه الهزء والسخرية ، فكأنه يقول : كيف لا يجيئك زيد وأنت
الجليل العظيم ، كقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)[٢] ؛ هذا قوله ، والأولى أن يقال إنه لإنكار كونه على خلاف
ما ذكر ، لا على وجه السخرية ،
وإنما تلحق هذه
الزيادة بشرط الوقف ، والإنكار بهمزة الاستفهام بلا فصل بينها ، وبين الاسم
المذكور ، فإن وصل الاسم بما بعده ، أو كان استفهاما على وجه الحقيقة ، لا على وجه
الإنكار ، لم تلحق ، وكذا لا تلحق ، إذا فصل بين الهمزة والمذكور بقول أو ما يفيد
فائدته ، نحو : أتقول زيد ، أو : أتتكلم زيد ؛ والأغلب ، مع حصول الشرائط وقصد
إلحاق زيادة الإنكار : حكاية ذلك المذكور بلفظه وبحركته ، إعرابية كانت أو بنائية
، نحو : أذهبتوه ، لمن قال : ذهبت ، و : أأنا انيه ، لمن قال : أنا فاعل ،
وربّما زيدت
مدّة الإنكار من غير حكاية اللفظ المذكور ، بل تلحق العلامة بما يصح المعنى
بلحاقها به من جملة كلامك ، فتقال لمن قال ذهبت : أذهبتاه ،
ومنه حكاية
سيبويه [٣] : سمعنا من قيل له أتخرج إذا أخصبت البادية ، فقال :
أأنا إنيه ،
أيا شبه ليلى لا تراعي فانني
لك اليوم من بين الوحوش صديق
فعيناك عيناها ، الخ ؛
[١] أي : ويقصد أن
زيدا لا يأتيك استبعادا منه لذلك ؛