هذا كله على
مذهب الجمهور ، الذاهبين إلى بناء ما اتصل به النون ، وأمّا على مذهب من قال :
الفعل باق على ما كان عليه قبل دخول النون من الإعراب أو البناء ، فإنه يقول : إنما
ردّت اللام ، وفتحت في الناقص ، نحو : اغزونّ وارمينّ ، إذ لو لم تردّ ، لقيل : اغزنّ
بالضم ، وارمنّ بالكسر ، فكان يلتبس بالأول : جمع المذكر ، وبالثاني : الواحد
المؤنث ، ففتحوا ما قبل النون في كل واحد مذكر ، صحيحه ومعتله ؛ وأمّا ردّ اللام
في : ارضينّ واخشينّ ، فلطرد الباب فقط ، إذ لم يكن يلتبس به شيء آخر ،
هذا ، ولغة طيء
على ما حكى عنهم الفرّاء : حذف الباء الذي هو لام في الواحد المذكر بعد الكسر
والفتح في المعرب والمبني ، نحو : والله ليرمنّ زيد ، وارمنّ يا زيد ، وليخشنّ زيد
، واخشنّ يا زيد ، وعليه قوله :
وإنما لم تحذف
الألف في : اضربانّ وإن التقى ساكنان ، كما حذفوا الواو والياء في : اضربنّ ،
واضربنّ ؛ خوف اللبس بالواحد ، لأن النون إنما كسرت لأجل الألف كما ذكرنا ، فلو
حذفت الألف لانفتحت النون ، مع أن الألف أخفّ من الواو والياء ؛ وأيضا ، المدّ فيه
أكثر منه في الواو والياء ، والمدّ يقوم مقام الحركة ، والنون كبعض الكلمة ، فصار
: اضربانّ ، كالضالّين [٢] ،
وأمّا الألف في
: اضربنانّ ، فلم تحذف لأنها مجتلبة للفصل بين النونات فلو حذفت لحصل الوقوع فيما
فرّ منه ؛
[١] البيت من قصيدة
لحريث بن عتّاب الكائي نقلها البغدادي عن أمالي ثعلب ، وشرحها وفيها وصف لرجل ينشد
ابلا ، استضافه حريث وأكرمه وهو يقول قبل هذا البيت :
دفعت إليه رسل كوماء جلدة
وأغضيت عنه الطرف حتى تضلّعا
ويروى بيت الشاهد : إذا قال قطني قلت
آليت حلفة ؛ كما يروى : لتغننّ بلام القسم ونون التأكيد ومعنى البيت أنه كلما أراد
الضيف الاكتفاء من شرب اللبن حلفت عليه أن يأتي على جميع ما في الاناء ، وهو
مبالغة في الكرم ، والقطعة التي منها البيت جيّدة ؛
[٢] الضالّين ، كلمة
واحدة حقيقة ، واضربانّ بسبب الامتزاج في حكم كلمة واحدة ؛