إلى المعطوف عليه ، ففي قولك : ما جاءني زيد ، بل عمرو ، أفادت «بل» أن
الحكم على زيد بعدم المجيء كالمسكوت عنه ، يحتمل أن يصح هذا الحكم فيكون زيد غير
جاء ، ويحتمل ألّا يصح فيكون قد جاءك ، كما كان الحكم على زيد بالمجيء في : جاءني
زيد بل عمرو ، احتمل أن يكون صحيحا وألّا يكون ؛
وهذا الذي
ذكرنا : ظاهر كلام الأندلسي ؛ وقال ابن مالك : بل ، بعد النفي والنهي ، كلكن ،
بعدهما ؛ وهذا الإطلاق منه يعطي أن عدم مجيء زيد في قولك : ما جاءني زيد بل عمرو ،
متحقق بعد مجيء «بل» ، أيضا ، كما كان كذلك في : ما جاءني زيد لكن عمرو ، بالاتفاق
، وبه قال المصنف ، لأنه قال في : ما جاءني زيد بل عمرو ، يحتمل إثبات المجيء
لعمرو ، مع تحقق نفيه عن زيد ، والظاهر ما ذكرناه أوّلا ؛
وهذا كله حكم «بل»
بالنظر إلى ما قبلها ، وأمّا حكم ما بعد «بل» ، الآتية بعد النفي أو النهي ، فعند
الجمهور أنه مثبت ، فعمرو ؛ جاءك في قولك : ما جاءني زيد بل عمرو ، فكأنك قلت : بل
جاءني عمرو ، ف «بل» ، أبطلت النفي والاسم المنسوب إليه المجيء ؛ قالوا : والدليل
على أن الثاني مثبت ، حكمهم بامتناع النصب في : ما زيد قائما بل قاعد ، ووجوب
الرفع كما مرّ في بابه ؛
وعند المبرّد :
أن الغلط في الاسم المعطوف عليه فقط ، فيبقى الفعل المنفي مسندا إلى الثاني ،
فكأنك قلت : بل ما جاءني عمرو ، كما كان في الإثبات : الفعل الموجب مسندا إلى
الثاني ؛
وإذا ضممت «لا»
إلى «بل» بعد الإيجاب أو الأمر ، نحو : قام زيد ، لا بل عمرو ، و : اضرب زيدا ، لا
بل عمرا ، فمعنى «لا» يرجع إلى ذلك الإيجاب أو الأمر المتقدم ، لا إلى ما بعد «بل»
، ففي قولك : لا بل عمر ، نفيت بلا : القيام عن زيد ، وأثبتّه لعمرو ببل ، ولو لم
تجئ بلا ، لكان قيام زيد كما ذكرنا ، في حكم المسكوت عنه ، يحتمل أن يثبت وألّا
يثبت ، وكذا في الأمر ، نحو : اضرب زيدا ، لا بل عمرا ، أي : لا تضرب زيدا ، بل
اضرب عمرا ، ولولا «لا» المذكورة ، لاحتمل أن يكون أمرا بضرب زيد ، وألّا يكون مع
الأمر بضرب عمرو ، وكذا «لا» الداخلة على «بل» بعد النهي والنفي :