فجاز وقوعه طلبية وإنشائية ، نحو : إن لقيت زيدا فأكرمه ، وإن دخلت الدار
فأنت حرّ ، ولبعده عن كلمة الشرط جاز وقوعه اسمية وفعلية ، مصدّرا بأي حرف كان ،
فنقول :
إن كان الجزاء
مما يصلح أن يقع شرطا ، فلا حاجة إلى رابطة بينه وبين الشرط لأن بينهما مناسبة
لفظية من حيث صلاحية وقوعه موقعه ، وإن لم يصلح له فلا بدّ من رابط بينهما ، وأولى
الأشياء به [١] : الفاء. لمناسبته للجزاء معنى ، لأن معناه : التعقيب
بلا فصل ، والجزاء متعقب للشرط كذلك ، هذا إلى خفتها لفظا ؛ وأمّا «إذا» [٢] فاستعمالها قبل الاسمية أقلّ من الفاء لثقل لفظها ،
وكون معناها من الجزاء أبعد من معنى الفاء ، وذلك لتأويله بأنّ وجود الشرط مفاجئ
لوجود الجزاء ومتهجّم عليه ؛
فثبت بهذا ، أن
الجزاء ، إن كان جملة طلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض
والدعاء والنداء ، يجب مقارنتها لعلامة الجزاء ؛ وكذا إن كانت إنشائية ، كنعم وبئس
، وكل ما تضمّن معنى إنشاء المدح والذم ، وكذا : عسى ، وفعل التعجب ، والقسم ،
وكذا إن كانت جملة اسمية ، سواء تصدّرت بالحرف [٣] نحو قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ
فَلا هادِيَ لَهُ)[٤] ، و : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ)[٥] ، أو ، لا نحو : إن جئتني فأنت مكرم ،
وأمّا قوله
تعالى : (وَإِنْ
أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)[٦] ، فلتقدير القسم ، كما يجيء في بابه ؛ ويجوز أن يكون
قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ، ما كانَ حُجَّتَهُمْ ...)[٧] ، مثله ، أي بتقدير القسم ، ويجوز أن تكون «إذا» لمجرّد
الوقت ، من دون ملاحظة الشرط ،