فإن تقدم ما هو
جواب معنى ، على الظروف الزمانية ، أو المكانية من كلمات الشرط ، كمتى ، وإذ ما ،
وأيان ، وأين ، وحيثما ، وأنّى ؛ فلا شبهة في تضمنها للشرط ، إذ لا تصلح للاستفهام
، ولا واسطة بين الشرط والاستفهام ، في هذه الكلمات الصالحة لهما ؛
وأمّا ما يصلح
من كلمات الشرط لكونها موصولة ، أيضا ، نحو : من ، وما ، وأيّ : فإن جاء بعدها ماض
، احتمل عند سيبويه [١] كونها موصولة ، وشرطية ، نحو : آتي من أتاني ، فإن كانت
موصولة ، فمنصوبة بالفعل المتقدم ، وإن كانت شرطية فمبتدأ ، والخبر مختلف فيه ،
كما ذكرنا في باب المبتدأ ، والتقدير : من أتاني آته ، ولا محل للفعل بعد هذه
الكلمات ، إن قدّرناها موصولة ، وهو في محل الجزم إن كانت شرطية ؛
وابن السّراج [٢] قطع بكونها موصولة ، عملا بالظاهر ، لأن جعلها شرطية
يحتاج إلى حذف الجزاء عند البصرية ، وجعل المتقدم كالعوض منه ،
وإن جاء بعدها
مضارع نحو : آتي من يأتيني ، فالوجه كونها موصولة ، ويجوز جعلها شرطية على قبح
فينجزم المضارع ، وذلك لما تقدم من أن الشرط يكون ماضيا في الاختيار ، إذا تقدم ما
هو جوابه معنى ،
وإن جئت
بالظروف قبل من ، وما ، وأيّ ، على تقدير إضافة الظروف إلى الجمل ، فالواجب ، كما
ذكر سيبويه [٣] : جعلها موصولة ، سواء ولي الكلم المذكورة ماض نحو : أتذكر
إذ من أتانا أكرمناه ، أو مضارع نحو : أتذكر حين ما تفعله أفعله ؛
[٤] من شواهد سيبويه
ج ١ ص ٤٤١ وهو من أبيات قالها لبيد بن ربيعة ، وكان له جار قد لجأ إليه فأهانه عم
لبيد فغضب لبيد وقال في ذلك شعرا. منه هذا البيت ، ومنها شاهد تقدم في الظروف
المبنية وهو :