اعلم أن المضمر
لا يوصف ولا يوصف به ، أمّا أنه لا يوصف ، فلأن المتكلم والمخاطب منه : أعرف
المعارف ، والأصل في وصف المعارف ، أن يكون للتوضيح ، وتوضيح الواضح تحصيل للحاصل
؛ وأمّا الوصف المفيد للمدح أو الذم ، فلم يستعمل فيه ، لأنه امتنع فيه ما هو
الأصل في وصف المعارف [١] ؛
ولم يوصف
الغائب ، إمّا لأن مفسّره في الأغلب لفظيّ ، فصار بسببه واضحا غير محتاج إلى
التوضيح المطلوب في وصف المعارف في الأغلب ، وإمّا لحمله على المتكلم والمخاطب
لأنه من جنسهما ؛
وأمّا أنه لا
يوصف به ، فلما يجيء من أن الموصوف في المعارف ينبغي أن يكون أخصّ أو مساويا ، ولا
أخصّ من المضمر ، ولا مساوي له ، حتى يقع صفة له ؛
وقول بعضهم :
لم يقع صفة لأنه لا يدل على معنى ، فيه نظر ، إذ هو يدلّ على ما يدلّ عليه مفسّره
، فلو رجع إلى دالّ على معنى كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، لدلّ
، أيضا عليه ، كقولك : زيد كريم وأنت هو ؛
وأجاز الكسائي
وصف ضمير الغائب في نحو قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[٢] ، وقولك : مررت به المسكين ، والجمهور يحملون مثله على
البدل ؛
[١] وهو كونه للتوضيح
، والوصف لمجرد المدح أو الذم خلاف الأصل فامتناعه أولى ؛