إذ أصلهما قطيفة جرد ، والمسجد الجامع ، وهذه الإضافة ليست كإضافة الصفة
إلى معمولها عندهم ، إذ تلك لا تخصص ولا تعرف ، بخلاف هذه ، فإن الأول ههنا هو
الثاني من حيث المعنى ، لأنهما موصوف وصفته ، فتخصّص الثاني وتعرّفه ، يخصّص
الأوّل ويعرّفه ؛
وأمّا نحو :
الحسن الوجه ، فالحسن ، وإن كان هو الوجه معنى ، إلّا أنك جعلته لغيره في الظاهر
بسبب الضمير المستتر فيه ، الراجع إلى غيره ، فبعّدته في اللفظ عن المجرور به غاية
التبعيد ، فعلى هذا نقول : هذا مسجد الجامع الطيب برفع الصفة ؛
والبصريون ،
قالوا : لا يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف ، ولا العكس ، ولهذا ينصبون المرفوع
بالصفة إذا أريد الإضافة إليه ، في نحو : حسن الوجه ، كما مرّ ، وذلك لأن الصفة
والموصوف واقعان على شيء واحد ، فهو إضافة الشيء إلى نفسه ؛
ولا يتمّ لهم هذا
مع الكوفيين ، لأنهم يجوّزون إضافة الشيء إلى نفسه ، مع اختلاف اللفظين ، كما يجيء
من مذهب الفراء ، ولو لم يجوّزوه أيضا ، لجاز هذا ، لأن في أحدهما زيادة فائدة كما
في : نفس زيد ؛
وقال المصنف :
لا يجوز ذلك [١] ، لأن توافق الصفة والموصوف في الإعراب واجب ؛ وليس
بشيء ، لأن ذلك إنما يكون إذا بقيا على حالهما ، فأمّا مع طلب التخفيف بالإضافة
فلا نسلّم له ، وهو موضع النزاع ؛
فعند البصريين
، نحو بقلة الحمقاء ، كسيف شجاع [٢] ، أي المضاف إليه في الحقيقة هو موصوف هذا المجرور ،
إلّا أنه حذف وأقيمت صفته مقامه ، أي بقلة الحبّة الحمقاء ؛ وإنما نسبوها إلى
الحمق لأنها تنبت في مجاري السيول ، ومواطى الأقدام ؛ ومسجد الوقت الجامع [٣] ، وذلك الوقت هو يوم الجمعة ، كأن هذا اليوم جامع للناس
في مسجده للصلاة ،