والأولى أنه
يقوم مقامه فيما لم يشترط فيه الضمير ، كما في البيت المذكور ، أما في الصلة أو
الصفة إذا كانت جملة ، وغير ذلك مما يشترط فيه الضمير ، فلا ،
فلما جيء [٢] باللام مع قصد الإضافة ، نصبوا أوّلا ، ما قصدوا جعله
مضافا إليه ، تشبيها بالمفعول ، فقيل : الحسن الوجه ، كما يقال الضارب الرجل ،
لتصحّ الإضافة إليه ، لأنهم لو أضافوا إلى المرفوع ، لكان إضافة الوصف إلى موصوفه
، إذ الرافع من الصفات ، نعت للمرفوع ، بخلاف الناصب مع المنصوب ، ألا ترى أن في
قولك : زيد ضارب غلامه عمرا : الضارب هو الغلام ، دون عمرو ، وهم يراعون في
الإضافة اللفظية حال الإضافة المحضة ، فكما لا يجوز في المحضة إضافة الصفة إلى
موصوفها على الأصح ، كما يجيء ، لم يجيزوا في اللفظية ، أيضا ، مثل ذلك ، لكونها
فرعها ؛ فجعلوا المرفوع في صورة المنصوب ، حتى لا تكون كأنك أضفت الصفة إلى
موصوفها ؛
فتبيّن من هذا
التطويل [٣] ، أن المختار في : الحسن الوجه ، جرّ الوجه ، وأن نصبه
تشبيه له بالمفعول في نحو : الضارب الرجل ، وأن التخفيف فيه حاصل بحذف الضمير
واستتاره ؛
ثم نقول : كما
شبّه : الحسن الوجه في النصب بالضارب الرجل ، مع أن حقه الرفع ،
[١] هذا أحد بيتين
نقلهما البغدادي عن حماسة أبي تمام ، منسوبين لمسكين الدارمي ، ورواية الحماسة :
والبيت بيته ، والبيت الثاني هو :
أحدّثه إنّ الحديث من القرى
وتعلم نفسي أنه سوف يهجع
وموضع الشاهد قوله : والبرد ، أي وبردي
، أو وبيتي بيته كما في رواية الحماسة ؛
[٢] مرتبط بقوله :
وجيى باللام في المضاف إليه ، قبل قليل ، وما بينهما استطراد ،
[٣] جميل من الشارح
المحقق : الرضي أن يعترف بأن هذا تطويل ، وهو كذلك حقا ؛ لكنه مفيد ؛