الوجه ، فلو أفادت تعريفا لم تجز الأولى للزوم كون المعرفة صفة للنكرة ،
ولجازت الثانية ، لكون المعرفة ، إذن ، صفة للمعرفة ، ومن جهة أنها تفيد تخفيفا ،
جاز : الضاربا زيد ؛ لحصول تخفيف بحذف النون ، وامتنع : الضارب زيد ، لعدم التخفيف
، لأن التنوين في الأوّل [١] سقط للألف واللام ، لا للإضافة ؛
قال المصنف :
أجاز الفراء نحو : الضارب زيد ، إمّا لأنه توهّم أن لام التعريف دخلته بعد الحكم
بإضافته ، فحصل التخفيف بحذف التنوين بسبب الإضافة ، ثم عرّف باللام ؛ وإمّا لأنه
قاسه على : الضارب الرجل ، والضاربك ؛ فإن جازت [٢] الإضافة فيهما مع عدم التخفيف ، فلتجز فيه أيضا ؛ قال :
وكلا الأمرين غير مستقيم ، أمّا قوله : لأن لام التعريف دخلت بعد الحكم بإضافته ،
فإنه رجم بالغيب ، ومن أين له ذلك؟ ونحن لا نحكم إلا بالظاهر ، فإنه ، وإن أمكن ما
قال ، إلا أننا نرى اللام سابقة حسّا على الاضافة ، والاضافة في الظاهر إنما أتت
بعد الحكم بذهاب التنوين بسبب اللام ، فكيف ينسب حذف التنوين إلى الإضافة بلا دليل
قاطع ، ولا ظاهر مرجّح ؛
وأمّا قياسه
على : الضارب الرجل ، فليس بوجه ، وذلك أن الضارب الرجل ، وإن لم يحصل فيه تخفيف
بالإضافة إلا أنه محمول على ما حصل فيه التخفيف ، ومشبّه به ، وذلك هو [٣] : الحسن الوجه ، والجرّ فيه هو المختار ، وذلك لأنك لو
رفعت الوجه ، لخلت الصفة من الضمير ، وهو قبيح ، كما يأتي في باب الصفة المشبهة ،
وأمّا النصب في مثله فتوطئة للجر ، وذلك أنهم لما أرادوا الإضافة في : الحسن وجهه
بالرفع ، قصدا للتخفيف ، حذفوا الضمير ، واستتر في الصفة ، وجيء باللام في المضاف
إليه ، ليتعرّف الوجه باللام ، كما كان متعرّفا بالضمير المضاف إليه ، واللام بدل
من الضمير في مثل هذا المقام [٤] مطردا ،