كانت الصفة أقوى شبها بالفعل ، كانت أولى بعملها عمل الفعل ، فكان تقدير
الانفصال [١] فيها ، أظهر ، فمن ثمّ كانت إضافتها إلى معمولها لفظية
، وإضافة المصدر إلى معموله محضة ، فيختص المصدر ، أو يتعرف ، بنسبته إلى فاعله أو
مفعوله ، لاشتهاره به ، كاختصاص الغلام برجل ، وتعرفه بزيد ؛
فإن قلت :
فمقتضى ما ذكرت ، أن يكون عمل الصفة عمل الفعل ، أولى من عمل المصدر عمله ، والأمر
بالعكس وذلك أن المصدر في عمله لا يحتاج إلى شرط ، بخلاف الصفة ، فإنها تحتاج إلى
الاعتماد ، واسم الفاعل واسم المفعول محتاجان إلى كونهما بمعنى المضارع ، مع
الاعتماد ، كما سيأتي في أبوابها ؛
قلت : إن الأمر
كذلك ؛ إلّا أن المصدر أطلب [٢] لما هو فاعل له ، ومفعول من الصفة ، لأنه يطلبهما
لكونهما من ضروريّاته عقلا ، لا وضعا ، فبعد حصولهما له ، يكفيه للعمل فيهما أدنى
مشابهة للفعل ؛ واسما الفاعل والمفعول ، يطلبانهما لتضمنهما معنى المصدر الطالب
لهما ، فبعد حصولهما ، لهما ، يحتاجان إلى مشابهة قوية مع الفعل ، وشروط ، حتى
يعملا عمل الفعل ؛
فالمحصول [٣] ؛ أن طلب المصدر للفاعل والمفعول قوي لكونه لذاته ،
وعمله فيهما ضعيف ، لكونه لمشابهة ضعيفة مع الفعل لفظا ومعنى ، فلهذا كان المصدر
المضاف إلى أحدهما أكثر استعمالا من المصدر المعمل فيهما ، وطلب الصفة [٤] ، للفاعل والمفعول ، ضعيف ، لكونه بتضمن المصدر ،
وعملها فيهما قويّ ، لكونه لمشابهة قوية مع الفعل لفظا ومعنى ، فلهذا ، إذا جررت
في اللفظ فاعلها فلا بدّ من تقدير ضمير فيها قائم مقام الفاعل ،