responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 21  صفحه : 59
وقرأ الجمهور بضمها فيه والضم والفتح لغتان في ذلك كما في الفقر والفقر الفتح لغة تميم والضم لغة قريش، ولذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم قراءة الضم كما ورد في حديث رواه أبو داود. والترمذي وحسنه. وأحمد. وابن المنذر. والطبراني. والدارقطني. وغيرهم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم * (الله الذي خلقكم من ضعف) * أي بالفتح فقال: * (من ضعف) * يا بني أي بالضم لأنها لغة قومه عليه الصلاة والسلام ولم يقصد صلى الله عليه وسلم بذلك رد القراءة الأخرى لأنها ثابتة بالوحي أيضا كالقراءة التي اختارها، وروى عن عاصم الضم أيضا، وعنه أيضا الضم في الأولين والفتح في الأخير، وروى عن أبي عبد الرحمن. والجحدري، والضحاك الضم في الأول والفتح فيما بعد.
وقرأ عيسى بضم الضاد والعين وهي لغة أيضا فيه. وحكى عن كثير من اللغويين أن الضعف بالضم ما كان في البدن والضعف بالفتح ما كان في العقل، والظاهر أنه لا فرق بين المضموم والمفتوح وكونهما مما يوصف به البدن والعقل، والمراد بضعف الثاني عين الأول، ونكر لمشاكلة * (قوة) * وبالأخير غيره فإنه ضعف الشيخوخة وذاك ضعف الطفولية، والمراد بقوة الثانية عين الأولى ونكرت لمشاكلة * (ضعفا) * وحديث النكرة إذا أعيدت كانت غير أغلبي، وتكلف بعضهم لتحصيل المغايرة فيما نكر وكرر في الآية فتدبر * (يخلق ما يشاء) * خلقه من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الضعف والقوة والشيبة وخلقا أما بمعنى خلق أسبابها أو محالها وأما إيجادها أنفسه وهو الظاهر ولا داعي للتأويل فإنها ليست بعدم صرف * (وهو العليم القدير) * المبالغ في العلم والقدرة فإن الترديد فيما ذكر من الأحوال المختلفة مع إمكان غيره من أوضح دلائل العلم والقدرة.
* (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون) *.
* (ويوم تقوم الساعة) * أي القيامة سميت بها لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وصارت علما لها بالغلبة كالنجم للثريا والكوكب للزهرة، والمراد بقيامها وجودها أو قيام الخلائق فيها * (يقسم المجرمون ما لبثوا) * أي ما أقاموا في القبور كما روى عن الكلبي. ومقاتل، والمراد به ما أقاموا بعد الموت * (غير ساعة) * أي قطعة من الزمان قليلة، وروى غير واحد عن قتادة أنهم يعنون ما لبثوا في الدنيا عير ساعة، ورجح الأول بأنه الأظهر لأن لبثهم مغيا بيوم البعث كما سيأتي إن شاء الله تعالى وليس لبثهم في الدنيا كذلك، وقيل: يعنون ما لبثوا فيما بين فناء الدنيا والبعث وهو ما بين النفختين، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين النفختين أربعون قيل أربعون يوما يا أبا هريرة قال أبيت قيل أربعون شهرا قال أبيت قيل أربعون سنة قال: أبيت " وعني بقوله رضي الله تعالى عنه أبيت: امتنعت من بيان ذلك لكم أو أبتي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولهذا الحديث قيل لا يعلم أهي أربعون سنة أم أربعون ألف سنة. وحكى السفاريني في البحور الزاخرة عن بعضهم دعوى اتفاق الروايات على أن ما بين النفختين أربعون عاما، وأنا أقول: الحق أنه لا يعلمه إلا الله تعالى ودعوى الاتفاق لم يقم عندي دليل عليها.
وذكر الزمخشري أن ذلك وقت ينقطع عذابهم فيه واستقلوا مدة لبثهم كذبا على ما روى عن الكلبي أو نسيانا لما عراهم من هول المطلع على ما قيل، وجوز أن يكون استقلالهم تلك المدة بالإضافة إلى مدة عذابهم يومئذ ولا يبعد علمهم بها سواء كان هذا القول في أول وقت الحشر أو في أثنائه أو بعد دخول النار، وجوز أن يكونوا عدوا مدة بقائهم في الدنيا ساعة لعدم انتفاعهم بها والكثير بلا نفع قليل كما أن القليل مع النفع كثير

نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 21  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست