responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 21  صفحه : 58
الإحساسات ليس إلا تابعا للمشيئة فما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن فيقتصر على القول بسماع ما ورد السمع بسماعه من السلام ونحوه، وهذا الوجه هو الذي يترجح عندي ولا يلزم عليه التزام القول بأن أرواح الموتى مطلقا في أفنية القبور لما أن مدار السماع عليه مشيئة الله تعالى والتعلق الذي لا يعلم كيفيته وحقيقته إلا هو عز وجل فلتكن الروح حيث شاءت أو لا تكن في مكان كما هو رأي من يقول بتجردها.
ويؤخذ من كلام ذكره العارف ابن مرجان في شرح أسماء الله تعالى الحسنى تحقيق على وجه آخر وهو أن للشخص نفسا مبرأة من باطن ما خلق منه الجسم وهي روح الجسم وروحا أوجدها الله تبارك وتعالى من باطن ما برأ منه النفس وهي للنفس بمنزلة النفس للجسم فالنفس حجابها وبعد المفارقة في العبد المؤمن تجعل الحقيقة الروحانية عامرة العلو من السماء الدنيا إلى السماء السابعة بل إلى حيث شاء الله تعالى من العلو في سرور ونعيم وتجعل الحقيقة النفسانية عامرة السفل من قبره إلى حيث شاء الله تعالى من الجو ولذلك لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم موسى قائما يصلي في قبره وإبراهيم عليه السلام تحت الشجرة قبل صعودة عليه الصلاة والسلام إلى السماء ولقيهما عليهما السلام بعد الصعود في السموات العلا فتلك أرواحهما وهذه نفوسهما وأجسادهما في قبورهما وكذا يقال في الكافر إلا أن الحقيقة الروحانية له لا تكون عامرة العلو فلا تفتح لهم أبواب السماء بل تكون عامرة دار شقائها والعياذ بالله تعالى، وبين الحقيقتين اتصال وبوساطة ذلك ومشيئته عز وجل يسمع من سلم عليه في قبره السلام ولا يختص السماع في السلام عند الزيارة ليلة الجمعة ويومها وبكرة السبت أو يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما بعدها بل يكون ذلك في السلام عند الزيارة مطلقا فالميت يسمع الله تعالى روحه السلام عليه من زائرة في أي وقت كان ويقدره سبحانه على رد السلام كما صرح به في بعض الآثار.
وما أخرجه العقيلي من أنهم يسمعون السلام ولا يستطيعون رده محمول على نفي استطاعة الرد على الوجه المعهود الذي يسمعه الأحياء، وقيل: رد السلام وعدمه مما يختلف باختلاف الأشخاص فرب شخص يقدره الله تعالى على الرد ولا يثاب عليه لانقطاع العمل وشخص آخر لا يقدره عز وجل، وعندي إن التعلق أيضا مما يتفاوت قوة وضعفا بحسب الأشخاص بل وبحسب الأزمان أيضا وبذلك يجمع بين الأخبار والآثار المختلفة.
وأما الجواب عن الآية التي الكلام فيها ونحوها مما يدل بظاهره على نفي السماع فيعلم مما تقدم فليفهم والله تعالى أعلم.
* (الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشآء وهو العليم القدير) *.
* (الله الذي خلقكم من ضعف) * مبتدأ وخبر أي ابتدأكم ضعفاء وجعل الضعف أساس أمركم كقوله تعالى: * (وخلق الإنسان ضعيفا) * (النساء: 28) فمن ابتدائية وفي الضعف استعارة مكنية حيث شبه بالأساس والمادة وفي إدخال من عليه تخييل، ويجوز أن يراد من الضعف الضعيف بإطلاق المصدر على الوصف مبالغة أو بتأويله به أو يراد من ذي ضعف والمراد بذلك النطفة أي الله تعالى الذي ابتدأ خلقكم من أصل ضعيف وهو النطفة كقوله تعالى: * (من ماء مهين) * (السجدة: 8) وهذا التفسير وإن كان مأثورا عن قتادة إلا أن الأول أولى وأنسب بقوله تعالى: * (ثم جعل من بعد ضعف قوة) * وذلك عند بلوغكم الحلم أو تعلق الروح بأبدانكم * (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) * إذا أخذ منكم السن والمراد بالضعف هنا ابتداؤه ولذا أخر الشيب عنه أو الأعم فقوله سبحانه: * (شيبة) * للبيان أو للجمع بين تغيير قواهم وظواهرهم، وفتح عاصم. وحمزة ضاد * (ضعف) * في الجمع وهي قراءة عبد الله: وأبي رجاء.


نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 21  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست