responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 154
واستغنيت بما عندي وحقي أني أنا الغني لا غني غيري فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي وذكره أيامي وحذره نقمتي وبأسي وأخبره أنه لا يقوم شئ لغضبي وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ليس ينطق ولا يطرف ولا يتنفس إلا بإذني وقل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة وقد أمهلك أربعمائة سنة في كلها أنت مبارزه بالمحاربة تسبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء وينبت لك الأرض لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء الله أن يعجل لك العقوبة لفعل ولكنه ذو أناة وحلم عظيم وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما تحتسبان بجهاده فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة ولا قليل مني تغلب الفئة الكثيرة بإذني وتعجبكما زينته ولا ما متع به ولا تمدا إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين ولو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة ليعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ولكني أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقديما ما جرت عادتي في ذلك فإني لأذودهم عن نعيمها وزخارفها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذاك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم في دار كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا واعلم أنه لا يتزين لي العباد بزينة هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا فإنها زينة المتقين عليهم منها لباس يعرفون به من السكينة والخشوع وسيماهم في وجوههم من أثر السجود أولئك أوليائي حقا حقا، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك وذلل قلبك ولسانك واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي أفيظن الذي يحاربني أن يقوم لي أم يظن الذي يعاديني أن يعجزني أم يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أكل نصرتهم إلى غيري. رواه ابن أبي حاتم " قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري " هذا سؤال من موسى عليه السلام لربه عز وجل أن يشرح له صدره فيما بعثه به فإنه قد أمره بأمر عظيم وخطب جسيم: بعثه إلى أعظم ملك على وجه الأرض إذ ذاك وأجبرهم وأشدهم كفرا وأكثرهم جنودا وأعمرهم ملكا وأطغاهم وأبلغهم تمردا بلغ من أمره أن ادعى أنه لا يعرف الله ولا يعلم لرعاياه إلها غيره، وهذا وقد مكث موسى في داره مدة وليدا عندهم في حجر فرعون على فراشه ثم قتل منهم نفسا فخافهم أن يقتلوه فهرب منهم هذه المدة بكمالها ثم بعد هذا بعثه ربه عز وجل إليهم نذيرا يدعوهم إلى الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له ولهذا قال " رب اشرح لي صدري ويسر لي أمر " أي إن لم تكن أنت عوني ونصيري وعضدي وظهيري وإلا فلا طاقة لي بذلك " واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي " وذلك لما كان أصابه من اللثغ حين عرض عليه التمرة والجمرة فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه كما سيأتي بيانه وما سأل أن يزول ذلك بالكلية بل بحيث يزول العي ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة، ولو سأل الجميع لزال ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة ولهذا بقيت بقية قال الله تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال " أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين " أي يفصح بالكلام، وقال الحسن البصري واحلل عقدة من لساني قال حل عقدة واحدة ولو سأل أكثر من ذلك أعطي وقال ابن عباس شكا موسى إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه فآتاه سؤله فحل عقدة من لسانه وقال ابن أبي حاتم ذكر عن عمر بن عثمان حدثنا بقية عن أرطاة بن المنذر حدثني بعض أصحاب محمد ابن كعب عنه قال أتاه ذو قرابة له فقال له ما بك بأس لولا أنك تلحن في كلامك ولست تعرب في قراءتك فقال القرظي يا ابن أخي ألست أفهمك إذا حدثتك. قال نعم. قال فإن موسى عليه السلام إنما سأل ربه أن يحلل عقدة من لسانه كي يفقه بنو إسرائيل كلامه ولم يزد عليها هذا لفظه، وقوله " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست