responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 377
" فتربصوا إنا معكم متربصون " وقوله تعالى " قل أنفقوا طوعا أو كرها " أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين " لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين " ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك وهو أنهم لا يتقبل منهم لانهم كفروا بالله وبرسوله أي والأعمال إنما تصح بالايمان " ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى " أي ليس لهم قدم صحيح ولا همة في العمل " ولا ينفقون " نفقة " إلا وهم كارهون " وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم " أن الله لا يمل حتى تملوا وأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا " فلهذا لا يقبل الله من هؤلاء نفقة ولا عملا لأنه إنما يتقبل من المتقين.
فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55)
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم " كما قال تعالى " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " وقال " أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وقوله " إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا " قال الحسن البصري بزكاتها والنفقة منها في سبيل الله وقال قتادة هذا من المقدم والمؤخر تقديره: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. واختار ابن جرير قول الحسن وهو القول القوي الحسن وقوله " وتزهق أنفسهم وهم كافرون " أي ويريد أن يميتهم حين يميتهم على الكفر ليكون ذلك أنكى لهم وأشد لعذابهم. عياذا بالله من ذلك وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فيما هم فيه.
ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون (56) لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون (57)
يخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم أنهم " يحلفون بالله إنهم لمنكم " يمينا مؤكدة " وما هم منكم " أي في نفس الامر " ولكنهم قوم يفرقون " أي فهو الذي حملهم على الحلف " لو يجدون ملجأ " أي حصنا يتحصنون به وحرزا يتحرزون به " أو مغارات " وهي التي في الجبال " أو مدخلا " وهو السرب في الأرض والنفق قال ذلك في الثلاثة ابن عباس ومجاهد وقتادة " لولوا إليه وهم يجمحون " أي يسرعون في ذهابهم عنكم لانهم إنما يخالطونكم كرها لا محبة وودوا أنهم لا يخالطونكم ولكن للضرورة أحكام ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغم لان الاسلام وأهله لا يزال في عز ونصر ورفعة فلهذا كلما سر المسلمون ساءهم ذلك فهم يودون أن لا يخالطوا المؤمنين ولهذا قال " لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ".
ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون (58) ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون (59)
يقول تعالى " ومنهم " أي ومن المنافقين " من يلمزك " أي يعيب عليك " في " قسم " الصدقات " إذا فرقتها ويتهمك في ذلك وهم المتهمون المأبونون وهم مع هذا لا ينكرون للدين وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ولهذا " إن أعطوا " من الزكاة " رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون " أي يغضبون لأنفسهم. قال ابن جريج: أخبرني داود بن أبي عاصم قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة فقسمها ههنا وههنا حتى ذهبت قال ووراءه رجل من الأنصار فقال ما هذا بالعدل فنزلت هذه الآية وقال قتادة في قوله " ومنهم من يلمزك في الصدقات " يقول ومنهم من يطعن عليك في الصدقات وذكر لنا أن رجلا من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة فقال يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " ويلك فمن ذا الذي يعدل عليك بعدي؟ " ثم

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست