responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 572
شق ذلك على المسلمين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " سددوا وقاربوا فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاركها والنكبة ينكبها " هكذا رواه أحمد عن سفيان بن عيينة ومسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به ورواه ابن جرير من حديث روح ومعمر كلاهما عن إبراهيم بن يزيد عن عبد الله بن إبراهيم سمعت أبا هريرة يقول: لما نزلت هذه الآية " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " بكينا وحزنا وقلنا: يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شئ قال " أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا فإنه لا يصيب أحدا منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه " وقال عطاء بن يسار عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته " أخرجاه. " حديث آخر " قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد بن إسحاق حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها قال: " كفارات " قال أبي وإن قلت قال حتى الشوكة فما فوقها قال فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة فما مسه إنسان حتى وجد حره حتى مات رضي الله عنه تفرد به أحمد.
" حديث آخر " روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله " من يعمل سوءا يجز به " قال " نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشرا " فهلك من غلب واحدته عشراته وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن " من يعمل سوءا يجز به " قال الكافر ثم قرأ " وهل نجازي إلا الكفور " وهكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضا وقوله " ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إلا أن يتوب فيتوب الله عليه رواه ابن أبي حاتم والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث وهذا اختيار ابن جرير والله أعلم وقوله " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " الآية لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لابد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو الأجود له وإما في الآخرة والعياذ بالله من ذلك ونسأله العافية في الدنيا والآخرة والصفح والعفو والمسامحة شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده ذكرانهم وإناثهم بشرط الايمان وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة وقد تقدم الكلام على الفتيل وهو الخيط الذي في شق النواة وهذا النقير وهما في نواة التمرة والقطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة والثلاثة في القرآن ثم قال تعالى " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله " أي أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيمانا واحتسابا " وهو محسن " أي اتبع في عمله ما شرعه الله له وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما أي يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون متابعا للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة وباطنه بالاخلاص فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد فمتى فقد الاخلاص كان منافقا وهم الذين يراؤون الناس ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلا ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين " الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم " الآية. ولهذا قال تعالى " واتبع ملة إبراهيم حنيفا " وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة كما قال تعالى " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي " الآية وقال تعالى " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " والحنيف هو المائل عن الشرك قصدا أي تاركا له عن بصيرة ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد ولا يرده عنه راد وقوله " واتخذ الله إبراهيم خليلا " وهذا من باب الترغيب في اتباعه لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه كما وصفه به في قوله " وإبراهيم الذي وفي " قال كثير من علماء السلف أي قام بجميع ما أمر به وفي كل مقام من مقامات العبادة فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير ولا كبير عن صغير وقال تعالى " وإذا

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست