responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 532
الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قلبك إلى قوله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ".
ثم قال تعالى " أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم " هذا الضرب من الناس هم المنافقون والله يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك فإنه لا تخفى عليه خافية فاكتف به يا محمد فيهم فإنه عالم بظواهرهم وبواطنهم. ولهذا قال له " فأعرض عنهم " أي لا تعنفهم على ما في قلوبهم " وعظهم " أي وانههم عما في قلوبهم من النفاق وسرائر الشر " وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا " أي وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم.
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما () فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجد. ا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65)
يقول تعالى " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع " أي فرضت طاعته على من أرسل إليهم وقوله " بإذن الله " قال مجاهد: أي لا يطيع أحد إلا بإذني يعني لا يطيعه إلا من وفقته لذلك قوله " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " أي عن أمره وقدره ومشيئته وتسليطه إياكم عليهم وقوله " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم " الآية يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال " لو جدوا الله توابا رحيما " وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والاكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الاعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال: يا عتبي الحق الاعرابي فبشره أن الله قد غفر له ".
وقوله " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا ولهذا قال " ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة كما ورد في الحديث " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا محمد بن جعفر حدثنا معمر عن الزهري عن عروة قال: خاصم الزبير رجلا في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك " فقال الأنصاري: يا رسول الله إن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال " اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك " فاستوعى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري وكان أشار عليهما صلى الله عليه وسلم بأمر لهما فيه سعة قال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " الآية. هكذا رواه البخاري ههنا أعني في كتاب التفسير في صحيحه من حديث معمر وفي كتاب الشرب من حديث ابن جريج ومعمر أيضا وفي كتاب الصلح من حديث شعيب بن أبي حمزة ثلاثتهم عن

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 532
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست