responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 366
وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة وإن أنظر من أنظر منهم فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر. ولهذا قال بعد هذا " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا " الآية، يعني يوم القيامة يحضر للعبد جميع أعماله من خير وشر كما قال تعالى " ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وآخر " فما رأى من أعماله حسنا سره ذلك وأفرحه وما رأى من قبيح ساءه وغصه وود لو أنه تبرأ منه وأن يكون بينهما أمد بعيد كما يقول لشيطانه الذي كان مقرونا به في الدنيا وهو الذي جرأه على فعل السوء " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين " ثم قال تعالى مؤكدا ومهددا ومتوعدا " ويحذركم الله نفسه " أي يخوفكم عقابه ثم قال جل جلاله مرجيا لعباده لئلا ييأسوا من رحمته ويقنطوا من لطفه " والله رؤوف بالعباد " قال الحسن البصري: من رأفته بهم حذرهم نفسه وقال غيره: أي رحيم بخلقه يحب لهم أن يستقيموا على صراطه المستقيم ودينه القويم وأن يتبعوا رسوله الكريم.
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين (32)
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الامر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ولهذا قال " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب إنما الشأن أن تحب. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا عبد الله بن موسى بن عبد الأعلى بن أعين عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله "؟ قال الله تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " وقال أبو زرعة عبد الأعلى: هذا منكر الحديث.
ثم قال تعالى " ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " أي باتباعكم الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا من بركة سفارته ثم قال تعالى آمرا لكل أحد من خاص وعام " قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا " أي تخالفوا عن أمره " فإن الله لا يحب الكافرين " فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولوا العزم منهم في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه والدخول في طاعته واتباع شريعته كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى " وإذا أخذ الله ميثاق النبيين " الآية إن شاء الله تعالى.
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين (33) ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (34)
يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض فاصطفى آدم عليه والسلام خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شئ وأسكنه الجنة ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة واصطفى نوحا عليه السلام وجعله أول رسول بعثه إلى أهل الأرض لما عبد الناس الأوثان وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قومه يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا سرا وجهارا فلم يزدهم ذلك إلا فرارا فدعا عليهم فأغرقهم الله عن آخرهم ولم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله به واصطفى آل إبراهيم ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الاطلاق محمد صلى الله عليه وسلم وآل عمران والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أم عيسى ابن مريم

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست