خاص والعام لا ينسخ الخاص باتفاق. وروى أبو الزبير عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاتل في الشهر الحرام إلا أن يغزى [1]. الثالثة - قوله تعالى: (قتال فيه) " قتال " بدل عند سيبويه بدل اشتمال، لان السؤال اشتمل على الشهر وعلى القتال، أي يسألك الكفار تعجبا من هتك حرمة الشهر، فسؤالهم عن الشهر إنما كان لأجل القتال فيه. قال الزجاج: المعنى يسألونك عن القتال في الشهر الحرام. وقال القتبي: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام هل يجوز؟ فأبدل قتالا من الشهر، وأنشد سيبويه: فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما [2] وقرأ عكرمة " يسألونك عن الشهر الحرام قتل فيه قل قتل " بغير ألف فيهما. وقيل: المعنى يسألونك عن الشهر الحرام وعن قتال فيه، وهكذا قرأ ابن مسعود، فيكون مخفوضا بعن على التكرير، قاله الكسائي. وقال الفراء: هو مخفوض على نية عن. وقال أبو عبيدة: هو مخفوض على الجوار. قال النحاس: لا يجوز أن يعرب الشئ على الجوار في كتاب الله ولا في شئ من الكلام، وإنما الجوار غلط، وإنما وقع في شئ شاذ، وهو قولهم: هذا جحر ضب خرب، والدليل على أنه غلط قول العرب في التثنية: هذان: جحرا ضب خربان، وإنما هذا بمنزلة الاقواء، ولا يجوز أن يحمل شئ من كتاب الله على هذا، ولا يكون إلا بأفصح اللغات وأصحها. قال ابن عطية: وقال أبو عبيدة: هو خفض على الجوار، وقوله هذا خطأ. قال النحاس: ولا يجوز إضمار عن، والقول فيه أنه بدل. وقرأ الأعرج " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه " بالرفع. قال النحاس: وهو غامض في العربية، والمعنى فيه يسألونك عن الشهر الحرام أجائز قتال فيه؟ فقوله: " يسألونك " يدل على الاستفهام، كما قال امرؤ القيس:
[1] كذا في تفسير الفخر الرازي وكثير من كتب التفسير، وفى الأصول: " إلا أن يغزى أو يغزو ". وفى الطبري: " إلا أن يغزى أو يغزو حتى إذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ ". [2] البيت لعبدة بن الطبيب، رثى فيه قيس بن عاصم المنقري، وكان سيد أهل الوبر من تميم. (عن كتاب سيبويه ج 1 ص 77 طبع بولاق).