responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 80
ثم طلب أن تكون الإجابة في أن يعيش حتى يرثه، تحفظا من أن تقع الإجابة في الولد ولكن يحترم، ولا يتحصل منه الغرض.
السادسة - قال العلماء: دعاء زكريا عليه السلام في الولد إنما كان لاظهار دينه، وإحياء نبوته، ومضاعفة لاجره لا للدنيا، وكان ربه قد عوده الإجابة، ولذلك قال:
" ولم أكن بدعائك رب شقيا " أي بدعائي إياك. وهذه وسيلة حسنة، أن يتشفع إليه بنعمه، ويستدر [1] فضله بفضله، يروى أن حاتم الجود لقيه رجل فسأله، فقال له حاتم: من أنت؟ قال:
أنا الذي أحسنت إليه عام أول، فقال: مرحبا بمن تشفع إلينا بنا. فإن قيل كيف أقدم زكريا على مسألة ما يخرق العادة دون إذن؟ فالجواب أن ذلك جائز في زمان الأنبياء وفي القرآن ما يكشف عن هذا المعنى، فإنه تعالى قال: " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " [آل عمران: 37] فلما رأى خارق العادة استحكم طمعه في إجابة دعوته، فقال تعالى: " هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة " [2] [آل عمران: 38] الآية.
السابعة - إن قال قائل: هذه الآية تدل على جواز الدعاء بالولد، والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد، ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك، فقال: " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " [3] [التغابن: 15]. " إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " [3] [التغابن: 14]. فالجواب أن الدعاء بالولد معلوم من الكتاب والسنة حسب ما تقدم في " آل عمران " [2] بيانه. ثم إن زكريا عليه السلام تحرز فقال: (ذرية طيبة) وقال: " واجعله رب رضيا ". والولد إذا كان بهذه الصفة نفع أبويه في الدنيا والآخرة، وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لانس خادمه فقال: (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) فدعا له بالبركة تحرزا مما يؤدي إليه الاكثار من الهلكة. وهكذا فليتضرع العبد إلى مولاه في هداية ولده، ونجاته في أولاه وأخراه اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والفضلاء، [الأولياء] [4] وقد تقدم في " آل عمران " [2] بيانه.


[1] في ا و ج: ويسأله (2) راجع ج 4 ص 72 فما بعد.
[3] راجع ج 18 ص 140 فما بعد.
[4] من ج وك وى.


نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست