على أنهم حين ولادتها تشاحوا في الذي تحضنها وتكفل تربيتها ، فقال زكريا أنا
أولى لان خالتها عندي ، وقال القوم نحن أولى لأنها بنت امامنا ، وكان عمران
امام الجماعة ، فألقوا الأقلام أيهم أولى بكفالتها ، فألقوها بالماء تلقاء الجرية ،
فاستقبلت عصا زكريا جرية الماء مصعدة وانحدرت أقلام الباقين فقرعهم زكريا.
فإذا ثبت ذلك فاعلم
أن الام أولى بالولد من الأب مدة الرضاع ، فإذا خرج
عن حد الرضاع كان الوالد أحق به منها إذا كان حرا وكان الولد ذكرا ، فإن كان
أنثى فهي أحق بها إلى سبع سنين ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت كان الوالد
أحق بها الا أن تكون مملوكا.
ولا تسترضع كافرة
ولا زانية لقوله تعالى « والذي خبث لا يخرج الا
نكدا » [١]
فإن كان الوالد مات كانت الام أحق به من الوصي ، سواء كان الولد ذكرا أو
أنثى إلى أن يبلغ.
وقال تعالى «
ووصينا الانسان
بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله
في عامين » [٢] أي انها تضعف ضعفا بحملها الولد إلى أن تضعه فلا تزال تزداد
ضعفا على حسب تزايده في بطنها ، « وفصاله في عامين »
أي في انقضاء عامين
بعد الوضع ، وظاهر الآية يدل على جواز أحد وعشرين شهرا فإنها في عامين [٣].
وقوله تعالى «
ووصينا الانسان
بوالديه حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله
وفصاله ثلاثون شهرا » [٤] أي أمرناه بأن يحسن إلى والديه احسانا. «
حملته أمه
كرها » أي كانت تحمله لمشقة في بطنها مدة الحمل ووضعته بمشقة في
حال
الولادة وأرضعته مدة الرضاع.