فانا نخالف في
ذلك ونقول : [ ليس لمن عدم الماء أن يريد الصلاة في أول
الوقت ، وليس لهم أن يفصلوا بين الجملتين ويقولوا ] [١] ان إرادة
الصلاة شرط في
الجملة الأولى التي أمر فيها بالطهارة بالماء مع وجوده ، وليست شرطا في الجملة
الثانية التي ابتداؤها ( وان كنتم مرضى ) ، وذلك لان الشرط الأول لو لم يكن شرطا
في الجملتين لكان يجب على المريض أو المسافر إذا أحدثا التيمم وان لم يردا
الصلاة ، وهذا لا يقوله أحد.
والتيمم انما
أوجبه الله عند عدم الماء حيث لم يجده الانسان ، ومعلوم أنه
أراد من وجود الماء التمكن منه والقدرة عليه ، لأنه لو وجد الماء ولم يتمكن من
الوصول إليه للخوف من السبع أو التلف على نفسه لم يكن واجبا عليه استعماله ولم
يحسن أن يكون مرادا ، فعلم أنه انما أراد التمكن. والتمكن مرتفع بأحد الأشياء
الثلاثة : اما لعدم الماء مع الطلب له ، أو لعدم ما يتوصل إلى الماء من آلة أو ثمن
،
أو لحائل بينه وبين الماء من الخوف من استعماله اما على النفس أو على المال وما
أشبه ذلك ، فالآية بمجردها تدل على جميع ذلك.
(
فصل )
على أنا نحمل قوله
تعالى ( فلم تجدوا ماءا
فتيمموا ) على العموم في جميع
الأوقات عنه عدم الأشياء الثلاثة المذكورة على بعض الوجوه ، فان القاضي للصلوات
المفروضات يتيمم عند حصول إحدى تلك الشرائط في كل حال [٢] وان لم يكن
وقت
صلاة حاضرة ، وكذلك يتيمم من أراد أن يصلي صلاة نافلة في غير وقت فريضة
أو في أول وقتها ، ثم يجوز أن يصلي بذلك التيمم فريضة الوقت في آخر وقتها