وقوله ( وأنتم عاكفون في المساجد ) فعندنا الاعتكاف هو اللبث في أحد
المساجد الأربعة للعبادة من غير اشتغال بما يجوز تركه من أمور الدنيا ، وله شرائط
مذكورة في كتب الفقه ، وأصله اللزوم.
وقوله ( تلك حدود الله ) أي فرائضه ، والحد منتهى الشئ.
ولا يجوز
الاعتكاف الا بالصوم ، وبه قال أبو حنيفة ومالك بن أنس ، ودلت
الآية من فحواها على الصوم الواجب في الاعتكاف ، والدليل القاطع من القرآن
قوله ( ما آتاكم الرسول
فخذوه ) وإن كان على الجملة.
وعندنا لا يكون
أقل من ثلاثة أيام ، وبه قال أهل المدينة.
وقيل إن هذه
الآية من أولها ( أحل لكم ليلة الصيام
الرفث إلى نسائكم )
نزلت في شأن ابن قيس بن صرمة [١] ، وكان يعمل في أرض له ، فأراد الاكل فقالت
امرأته نصلح لك شيئا فغلبت عيناه ، ثم قدمت إليه الطعام فلم يأكل ، فلما أصبح
لاقى جهدا ، فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك ، فنزلت الآية [٢].
وروي أن عمر
أراد أن يواقع زوجته في شهر رمضان بالليل ، فقالت اني
نمت [٣] ، فظن أنها تعتل عليه فوقع عليها ، ثم أخبر النبي عليهالسلام من الغد ، فنزلت
الآية فيهما [٤].
وعن الصادق عليهالسلام : انها نزلت في خوات بن جبير بمثل قصة ابن قيس
ابن صرمة ، وكان ذلك يوم الخندق [٥].
[١]كذا في النسختين.
وفى المصدر ( قيس بن صرمة ) ، وذكر في المصادر الحديثية
بعناوين مختلفة ـ أنظر الإصابة ٢ / ١٧٧ و ٤ / ١٦٠.
[٢] أسباب النزول
للواحدي ص ٣٠ مع اختلاف في الألفاظ.
[٣] انما قالت نمت
لان الجماع بعد النوم كان محظورا عليهم ( هـ ج ).