نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 7 صفحه : 196
فصل في الكلام على الالتفات
و اعلم أن باب الانتقال من الغيبة إلى الخطاب و من الخطاب إلى الغيبة باب كبير من أبواب علمالبيانو أكثر ما يقع ذلك إذا اشتدت عناية المتكلم بذلك المعنى المنتقل إليه كقوله سبحانه اَلْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ اَلْعََالَمِينَ `اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ `مََالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ فأخبر عن غائب ثم انتقل إلى خطاب الحاضر فقال إِيََّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيََّاكَ نَسْتَعِينُ قالوا لأن منزلة الحمد دون منزلة العبادة فإنك تحمد نظيرك و لا تعبده فجعل الحمد للغائب و جعل العبادة لحاضر يخاطب بالكاف لأن كاف الخطاب أشد تصريحا به سبحانه من الأخبار بلفظ الغيبة قالوا و لما انتهى إلى آخر السورة قال صِرََاطَ اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ فأسند النعمة إلى مخاطب حاضر و قال في الغضب غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ فأسنده إلى فاعل غير مسمى و لا معين و هو أحسن من أن يكون قال لم تغضب عليهم و في النعمة الذين أنعم عليهم .
و من هذا الباب قوله تعالى وَ قََالُوا اِتَّخَذَ اَلرَّحْمََنُ وَلَداً فأخبر بقالوا عن غائبين ثم قال لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا[1] فأتى بلفظ الخطاب استعظاما للأمر كالمنكر على قوم حاضرين عنده .
و من الانتقال عن الخطاب إلى الغيبة قوله تعالى هُوَ اَلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ حَتََّى إِذََا كُنْتُمْ فِي اَلْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَ فَرِحُوا بِهََا جََاءَتْهََا رِيحٌ عََاصِفٌ...[2] الآية .