نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 6 صفحه : 401
فإن قلت إذا لم يكن قبل الأشياء بالزمان و لا بعدها بالزمان فهو معها بالزمان لأنه لا يبقى بعد نفي القبلية و البعدية إلا المعية .
قلت إنما يلزم ذلك فيما وجوده زماني و أما ما ليس زمانيا لا يلزم من نفي القبلية و البعدية إثبات المعية كما أنه ما لم يكن وجوده مكانيا لم يلزم من نفي كونه فوق العالم أو تحت العالم بالمكان أن يكون مع العالم بالمكان (1) - .
ثم قال الرادع أناسي الأبصار عن أن تناله أو تدركه الأناسي جمع إنسان و هو المثال الذي يرى في السواد و هذا اللفظ بظاهره يشعر بمذهب الأشعرية و هو قولهم إن الله تعالى خلق في الأبصار مانعا عن إدراكه إلا أن الأدلة العقلية من جانبنا اقتضت تأويل هذا اللفظ كما تأول شيوخنا قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاضِرَةٌ `إِلىََ رَبِّهََا نََاظِرَةٌ[1] فقالوا إلى جنة ربها فنقول تقديره الرادع أناسي الأبصار أن تنال أنوار جلالته .
فإن قلت أ تثبتون له تعالى أنوارا يمكن أن تدركها الأبصار و هل هذا إلا قول بالتجسيم .
قلت كلا لا تجسيم في ذلك فكما أن له عرشا و كرسيا و ليس بجسم فكذلك أنوار عظيمة فوق العرش و ليس بجسم فكيف تنكر الأنوار و قد نطق الكتاب العزيز بها في غير موضع كقوله وَ أَشْرَقَتِ اَلْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهََا[2] و كقوله مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكََاةٍ فِيهََا مِصْبََاحٌ