نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 6 صفحه : 400
400
فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له و إن منعه منعه ما ليس له (1) - . قوله و ليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل فيه معنى لطيف و ذاك لأن هذا المعنى مما يختص بالبشر لأنهم يتحركون بالسؤال و تهزهم الطلبات فيكونون بما سألهم السائل أجود منهم بما لم يسألهم إياه و أما البارئ سبحانه فإن جوده ليس على هذا المنهاج لأن جوده عام في جميع الأحوال (2) - .
ثم ذكر أن وجوده تعالى ليس بزماني فلا يطلق عليه البعدية و القبلية كما يطلق على الزمانيات و إنما لم يكن وجوده زمانيا لأنه لا يقبل الحركة و الزمان من لواحق الحركة و إنما لم تطلق عليه البعدية و القبلية إذ لم يكن زمانيا لأن قولنا في الشيء إنه بعد الشيء الفلاني أي الموجود في زمان حضر بعد تقضي زمان ذلك الشيء الفلاني و قولنا في الشيء إنه قبل الشيء الفلاني أي إنه موجود في زمان حضر و لم يحضر زمان ذلك الشيء الفلاني بعد فما ليس في الزمان ليس يصدق عليه القبل و البعد الزمانيان فيكون تقدير الكلام على هذا الأول الذي لا يصدق عليه القبلية الزمانية ليمكن أن يكون شيء ما قبله و الآخر الذي لا يصدق عليه البعدية الزمانية ليمكن أن يكون شيء ما بعده .
و قد يحمل الكلام على وجه آخر أقرب متناولا من هذا الوجه و هو أن يكون أراد الذي لم يكن محدثا أي موجودا قد سبقه عدم فيقال إنه مسبوق بشيء من الأشياء إما المؤثر فيه أو الزمان المقدم عليه و أنه ليس بذات يمكن فناؤها و عدمها فيما لا يزال فيقال إنه ينقضي و ينصرم و يكون بعده شيء من الأشياء إما الزمان أو غيره و الوجه الأول أدق و ألطف و يؤكد كونه مرادا قوله عقيبه ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال و ذلك لأن واجب الوجود أعلى من الدهر و الزمان فنسبة ذاته إلى الدهر و الزمان بجملته و تفصيل أجزائه نسبة متحدة .
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 6 صفحه : 400