نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 6 صفحه : 369
و ثاني عشرها أن ينصب نفسه لله في أرفع الأمور و هو الخلوة به و مقابلة أنوار جلاله بمرآة فكره حتى تتكيف نفسه بتلك الكيفية العظيمة الإشراق فهذا أرفع الأمور و أجلها و أعظمها و قد رمز في هذا الفصل و مزجه بكلام خرج به إلى أمر آخر و هو فقه النفس في الدين و الأمور الشرعية النافعة للناس في دنياهم و أخراهم أما في دنياهم فلردع المفسد و كف الظالم و أما في أخراهم فللفوز بالسعادة باعتبار امتثال الأوامر الإلهية (1) - فقال في إصدار كل وارد عليه أي في فتيا كل مستفت له و هداية كل مسترشد له في الدين (2) - ثم قال و تصيير كل فرع إلى أصله و يمكن أن يحتج بهذا من قال بالقياس و يمكن أن يقال إنه لم يرد ذلك بل أراد تخريج الفروع العقلية و ردها إلى أصولها كما يتكلف أصحابنا القول في بيان حكمة القديم تعالى في الآلام و ذبح الحيوانات ردا له إلى أصل العدل و هو كونه تعالى لا يفعل القبيح (3) - .
و ثالث عشرها أن يكون مصباحا لظلمات الضلال كشافا لعشوات الشبه (4) - مفتاحا لمبهمات الشكوك المستغلقة دفاعا لمعضلات الاحتجاجات العقلية الدقيقة الغامضة دليلا في فلوات الأنظار الصعبة المشتبهة و لم يكن في أصحاب 14محمد ص أحد بهذه الصفة إلا هو (5) - .
و رابع عشرها أن يقول مخاطبا لغيره فيفهمه ما خاطبه به (6) - و أن يسكت فيسلم و ذلك لأنه ليس كل قائل مفهما و لا كل ساكت سالما (7) - .
و خامس عشرها أن يكون قد أخلص لله فاستخلصه الله و الإخلاص لله مقام عظيم جدا و هو ينزه الأفعال عن الرياء و ألا يمازج العبادة أمر لا يكون لله سبحانه و لهذا كان بعض الصالحين يصبح من طول العبادة نصبا قشفا فيكتحل و يدهن ليذهب بذلك أثر العبادة عنه (8) - .
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 6 صفحه : 369