نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 18 صفحه : 352
قال و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون يعني العزلة و مجانبة الناس و طول الصمت و ملازمة الخلوة و نحو ذلك مما هو شعار القوم .
قال و صحبوا الدنيا بأرواح أبدانها معلقة بالمحل الأعلى هذا مما يقوله أصحاب الحكمة من تعلق النفوس المجردة بمبادئها من العقول المفارقة فمن كان أزكى كان تعلقه بها أتم (1) - .
ثم قال أولئك خلفاء الله في أرضه و الدعاة إلى دينه لا شبهة أن بالوصول يستحق الإنسان أن يسمى خليفة الله في أرضه و هو المعنى بقوله سبحانه للملائكة إِنِّي جََاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً [1] و بقوله هُوَ اَلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاََئِفَ فِي اَلْأَرْضِ [2] .
ثم قال آه آه شوقا إلى رؤيتهم هو ع أحق الناس بأن يشتاق إلى رؤيتهم لأن الجنسية علة الضم و الشيء يشتاق إلى ما هو من سنخه و سوسته و طبيعته و لما كان هو ع شيخ العارفين و سيدهم لا جرم اشتاقت نفسه الشريفة إلى مشاهدة أبناء جنسه و إن كان كل واحد من الناس دون طبقته .
ثم قال لكميل انصرف إذا شئت و هذه الكلمة من محاسن الآداب و من لطائف الكلم لأنه لم يقتصر على أن قال انصرف كيلا يكون أمرا و حكما بالانصراف لا محالة فيكون فيه نوع علو عليه فاتبع ذلك بقوله إذا شئت ليخرجه من ذل الحكم و قهر الأمر إلى عزة المشيئة و الاختيار