نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 16 صفحه : 291
فشبه ع بالنسبة إلى 14رسول الله ص بالذراع الذي العضد أصله و أسه و المراد من هذا التشبيه الإبابة عن شدة الامتزاج و الاتحاد و القرب بينهما فإن الضوء الثاني شبيه بالضوء الأول و الذراع متصل بالعضد اتصالا بينا و هذه المنزلة قد أعطاه إياها 14رسول الله ص في مقامات كثيرة نحو 14- قوله في قصة براءة قد أمرت أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني.14- و قوله لتنتهن يا بني وليعة أو لأبعثن إليكم رجلا مني أو قال عديل نفسي. و قد سماه الكتاب العزيز نفسه فقال وَ نِسََاءَنََا وَ نِسََاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنََا وَ أَنْفُسَكُمْ [1]14- و قد قال له لحمك مختلط بلحمي و دمك مسوط بدمي و شبرك و شبري واحد. فإن قلت أما قوله لو تظاهرت العرب علي لما وليت عنها فمعلوم فما الفائدة في قوله و لو أمكنت الفرصة من رقابها لسارعت [2] إليها و هل هذا مما يفخر به الرؤساء و يعدونه منقبة و إنما المنقبة أن لو أمكنته الفرصة تجاوز و عفا .
قلت غرضه أن يقرر في نفوس أصحابه و غيرهم من العرب أنه يحارب على حق و أن حربه لأهل الشام كالجهاد أيام 14رسول الله ص و أن من يجاهد الكفار يجب عليه أن يغلظ عليهم و يستأصل شأفتهم أ لا ترى أن 14رسول الله ص لما جاهد بني قريظة و ظفر لم يبق و لم يعف و حصد في يوم واحد رقاب ألف إنسان صبرا في مقام واحد لما علم في ذلك من إعزاز الدين و إذلال المشركين فالعفو له مقام و الانتقام له مقام (1) - .
قوله و سأجهد في أن أطهر الأرض الإشارة في هذا إلى معاوية سماه شخصا معكوسا و جسما مركوسا و المراد انعكاس عقيدته و أنها ليست عقيدة هدى بل هي معاكسة للحق و الصواب و سماه مركوسا من قولهم ارتكس في الضلال و الركس