نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 15 صفحه : 109
فأرسل أخشنوار إلى فيروز يسأله أن يبرز فيما بين صفيهم فخرج إليه فقال له أخشنوار إني قد ظننت أنه لم يدعك إلى مقامك هذا إلا الأنف مما أصابك و لعمري إن كنا قد احتلنا لك بما رأيت لقد كنت التمست منا أعظم منه و ما ابتدأناك ببغي و لا ظلم و ما أردنا إلا دفعك عن أنفسنا و حريمنا و لقد كنت جديرا أن تكون من سوء مكافاتنا بمننا عليك و على من معك و من نقض العهد و الميثاق الذي أكدته على نفسك أعظم أنفا و أشد امتعاضا مما نالك منا فإنا أطلقناكم و أنتم أسارى و مننا عليكم و أنتم على الهلكة مشرفون و حقنا دماءكم و لنا على سفكها قدرة و إنا لم نجبرك على ما شرطت لنا بل كنت أنت الراغب إلينا فيه و المريد لنا عليه ففكر في ذلك و ميز بين هذين الأمرين فانظر أيهما أشد عارا و أقبح سماعا إن طلب رجل أمرا فلم يقدر له و لم ينجح في طلبته و سلك سبيلا فلم يظفر فيه ببغيته و استمكن منه عدوه على حال جهد و ضيعة منه و ممن هم معه .
فمن عليهم و أطلقهم على شرط شرطوه و أمر اصطلحوا عليه فاصطبر [1] بمكروه القضاء و استحيا من الغدر و النكث أن يقال نقض العهد و أخفر [2] الميثاق مع أني قد ظننت أنه يزيدك لجاجة [3] ما تثق به من كثرة جنودك و ما ترى من حسن عدتهم و ما أجدني أشك أنهم أو أكثرهم كارهون لما كان من شخوصك بهم عارفون بأنك قد حملتهم على غير الحق و دعوتهم إلى ما يسخط الله و أنهم في حربنا غير مستبصرين و نياتهم على مناصحتك مدخولة .
فانظر ما قدر غناء من يقاتل على هذه الحال و ما عسى أن يبلغ نكايته في عدوه إذا كان عارفا بأنه إن ظفر فمع عار و إن قتل فإلى النار و أنا أذكرك الله الذي جعلته