نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 11 صفحه : 53
كثير من الحكماء الذين قالوا بحدوث السماء منهم ثاليس الملطي قالوا أصل الأجسام الماء و خلقت الأرض من زبده و السماء من بخاره و قد جاء القرآن العزيز بنحو هذا قال سبحانه اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ وَ كََانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْمََاءِ [1] .
قال شيخنا أبو علي و أبو القاسم رحمهما الله في تفسيريهما هذه الآية دالة على أن الماء و العرش كانا قبل خلق السموات و الأرض قالا و كان الماء على الهواء قالا و هذا يدل أيضا على أن الملائكة كانوا موجودين قبل خلق السموات و الأرض لأن الحكيم سبحانه لا يجوز أن يقدم خلق الجماد على خلق المكلفين لأنه يكون عبثا .
و قال علي بن عيسى الرماني من مشايخنا أنه غير ممتنع أن يخلق الجماد قبل الحيوان إذا علم أن في إخبار المكلفين بذلك لطفا لهم و لا يصح أن يخبرهم إلا و هو صادق فيما أخبر به و إنما يكون صادقا إذا كان المخبر خبره على ما أخبر عنه و في ذلك حسن تقديم خلق الجماد على خلق الحيوان (1) - و كلام 1أمير المؤمنين ع يدل على أنه كان يذهب إلى أن الأرض موضوعة على ماء البحر و أن البحر حامل لها بقدرة الله تعالى و هو معنى قوله يحملها الأخضر المثعنجر و القمقام المسخر و أن البحر الحامل لها قد كان جاريا فوقف تحتها و أنه تعالى خلق الجبال في الأرض فجعل أصولها راسخة في ماء البحر الحامل للأرض و أعاليها شامخة في الهواء و أنه سبحانه جعل هذه الجبال عمادا للأرض و أوتادا تمنعها من الحركة و الاضطراب و لولاها لماجت و اضطربت و أن هذا البحر الحامل للأرض تصعد فيه الرياح الشديدة فتحركه حركة عنيفة و تموج السحب التي تغترف الماء منه لتمطر الأرض به و هذا كله مطابق لما في الكتاب العزيز و السنة النبوية و النظر الحكمي أ لا ترى إلى قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضَ
____________
(1) سورة هود 7.
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 11 صفحه : 53