نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 1 صفحه : 112
ثم قال و الإذعان الانقياد و الخنوع الخضوع و إنما كرر الخنوع بعد الإذعان لأن الأول يفيد أنهم أمروا بالخضوع له في السجود و الثاني يفيد ثباتهم على الخضوع لتكرمته أبدا .
و لقائل أن يقول إنه لم يكرر لفظة الخنوع و إنما ذكر أولا الإذعان و هو الانقياد و الطاعة و معناه أنهم سجدوا ثم ذكر الخنوع الذي معناه الخضوع و هو يعطي معنى غير المعنى الأول [1] لأنه ليس كل ساجد خاضعا بقلبه فقد يكون ساجدا بظاهره دون باطنه و قول الراوندي أفاد بالثاني ثباتهم على الخضوع له لتكرمته أبدا تفسير لا يدل عليه اللفظ و لا معنى الكلام .
ثم قال قبيل إبليس نسله قال تعالى إِنَّهُ يَرََاكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ [2] و كل جيل من الإنس و الجن قبيل و الصحيح أن قبيله نوعه كما أن البشر قبيل كل بشري سواء كانوا من ولده أو لم يكونوا و قد قيل أيضا كل جماعة قبيل و إن اختلفوا نحو أن يكون بعضهم روما و بعضهم زنجا و بعضهم عربا و قوله تعالى إِنَّهُ يَرََاكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ لا يدل على أنهم نسله .
و قوله بعد: و كل جيل من الإنس و الجن قبيل ينقض دعواه أن قبيله لا يكون إلا نسله .
ثم تكلم في المعاني فقال إن القياس الذي قاسه إبليس كان باطلا لأنه ادعى أن النار أشرف من الأرض و الأمر بالعكس لأن كل ما يدخل إلى النار ينقص و كل ما يدخل التراب يزيد و هذا عجيب فإنا نرى الحيوانات الميتة إذا دفنت في الأرض تنقص أجسامها و كذلك الأشجار المدفونة في الأرض على أن التحقيق أن المحترق بالنار و البالي بالتراب لم تعدم أجزاؤه و لا بعضها و إنما استحالت إلى صور أخرى .