قال: فإن لم يكن بدّ من هذا فتقدّم بأن يمشي القوّاد و الأشراف كلّهم، حتّى لا يظنّ الناس أنّك قصدته بهذا دون غيره، ففعل و مشى (عليه السلام) و كان الصيف، فوافى الدهليز و قد عرق.
قال: فلقيته فأجلسته في الدهليز و مسحت وجهه بمنديل و قلت: إنّ ابن عمّك لم يقصدك بهذا دون غيرك، فلا تجد عليه في قلبك.
قال زرافة: و كان عندي معلّم يتشيّع و كنت كثيرا أمازحه بالرافضي فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء و قلت: تعال يا رافضي حتّى أحدّثك بشيء سمعته اليوم من إمامكم. قال: و ما سمعت؟ فأخبرته بما قال.
قال: يا حاجب أنت سمعت هذا من عليّ بن محمّد (عليهما السلام)؟ قلت: نعم. قال:
فحقّك عليّ واجب بحقّ خدمتي لك، فاقبل نصيحتي، قلت: هاتها. قال: إن كان عليّ بن محمّد قد قال ما قلت فاحترز و اخزن كلّ ما تملكه، فإنّ المتوكّل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيّام، فغضبت عليه و شتمته و طردته من بين يديّ، فخرج.
فلمّا خلوت بنفسي، تفكّرت و قلت: ما يضرّني أن آخذ بالحزم، فإن كان من هذا شيء كنت قد أخذت بالحزم، و إن لم يكن لم يضرّني ذلك، قال: فركبت إلى دار المتوكّل فأخرجت كلّ ما كان لي فيها، و فرّقت كلّ ما كان في داري إلى عند أقوام أثق بهم، و لم أترك في داري إلّا حصيرا أقعد عليه.
فلمّا كانت الليلة الرابعة قتل المتوكّل و سلمت أنا و مالي، فتشيّعت عند ذلك