فلمّا سمع الحسين كلامه قال: يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هؤلاء، لا أمّ لك يا ابن اللخناء. ثم خرج الحسين رضي اللّه عنه.
فقال مروان للوليد: عصيتني، و اللّه لا تقدر على مثلها أبدا.
فقال له الوليد: لقد اخترت لي ما فيه هلاكي و هلاك ذريّتي، و اللّه ما أحبّ أن يكون لي ملك الدنيا و أنا مطالب بدم الحسين.
[خروج الحسين من المدينة]
ثم أتى الحسين رضي اللّه عنه الى قبر جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بكى و قال: يا جدّي إنّي أخرج من جوارك كرها، لأنّى لم أبايع يزيد شارب الخمور و مرتكب الفجور. فبينا هو في بكائه أخذته النعسة، فرأى جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إذا هو قد ضمّه الى صدره، و قبّل ما بين عينيه، و قال:
«يا ولدي، يا حبيبي، إنّي أراك عن قليل مرمّلا بدمائك، مذبوحا من قفاك، بأرض يقال لها كربلا، و أنت عطشان، و أعداؤك يرجون شفاعتي، لا أنالهم اللّه ذلك. يا ولدي، يا حبيبي، إنّ أباك و أمّك و جدّتك و أخاك و عمّك و عمّ أبيك و أخوالك و خالاتك و عمتك هم مشتاقون إليك، و إنّ لك في الجنّة درجة لن تنالها إلاّ بالشهادة، و إنّك و أباك و أخاك و عمّك و عمّ أبيك شهداء تحشرون زمرة واحدة حتى تدخلون الجنّة بالبهاء و البهجة» .
فانتبه من نومه، فقصّها على أهل بيته فغموا غمّا شديدا.
ثم تهيأ على الخروج.
و قال له محمد بن الحنفية: يا أخي إنّي خائف عليك أن يقتلوك.
فقال: إنّي أقصد مكة فان كانت بي أمن أقمت بها و إلاّ لحقت بالشعاب و الرمال، حتى أنظر ما يكون.