ألا إنّه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا، و أقبل منها ما كان مدبرا، و أزمع الترحال عباد اللّه الاخيار، [و]باعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى، ما ضرّ اخواننا الذين سفكت دماؤهم[و هم]بصفين أن لا يكونوا اليوم أحياء يسيغون الغصص، و يشربون الرنق، قد و اللّه لقوا اللّه فوفاهم أجورهم، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم.
أين اخواني الذين ركبوا الطريق و مضوا على الحق؟
أين عمار و أين ابن التيهان؟و أين ذو الشهادتين؟و أين نظرائهم؟...
ثم قال [1] بأعلى صوته: الجهاد الجهاد عباد اللّه، ألا و إنّي معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح الى اللّه فليخرج.
قال نوف: و عقد للحسن (سلام اللّه عليهما) عشرة آلاف، و لقيس بن سعد بن عبادة في عشرة آلاف، و لأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف، و لغيرهم على أعداد أخر، و هو يريد الرجعة الى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه ابن ملجم-من الخوارج-لعنه اللّه، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها تختطفها الذئاب من كلّ مكان.
[13] و من وصيته للحسن و الحسين (سلام اللّه عليهما) لمّا ضربه ابن ملجم:
أوصيكما بتقوى اللّه، و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شيء منها زوي عنكما، و قولا بالحق، و اعملا للأجر، و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.
أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه تعالى، و نظم أمركم،