نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 334
لأمّه، و أنّه (صلّى اللّٰه عليه و آله) كان يمضغ الشيء ثمّ يلقمه إياه، كناية عن قربه منه و اهتمامه به، و قد شمّ ريح النبوّة و رأى نور الوحي. و قد كان (عليه السلام) قد أكد مرارا على لزوم اتباع أهل البيت و أخذ سمتهم و اتّباع أثرهم «لأنّهم لم يخرجوكم من هدى و لن يعيدوكم في ردى» و في قول آخر «فأين تذهبون، و أنى تؤفكون، و الأعلام قائمة و الآيات واضحة، و المنار منصوبة، فأين يتاه بكم، و كيف تعمهون و بينكم عترة نبيكم، هم أزمّة الحق و أعلام الدين» و في قول ثالث: «و إنّه لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلّا من أنكرهم و أنكروه».
و هذه النصوص توضح مراد الإمام و أن هناك نهجان: نهج الرأي و الاجتهاد، الذي قد تصدرته قريش و الامويون، و نهج التعبد المحض المتمثل بأهل بيت الرسالة و المتعبّدين من الصحابة.
نعم، إنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) قد أخبر بأن أمّته تعمل برهة بكتاب اللّٰه، ثمّ برهة بسنة رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، ثمّ تعمل بالرأي، فإذا عملوا بالرأي فقد ضلّوا و أضلوا [1].
و إنّ في نهي أهل بيت النبوة عن العمل بالرأي و تأكيدهم على لزوم استقاء الأحكام من الكتاب العزيز و السنة، لتصريح و تلويح إلى وجود النهج المقابل لهم [2].
و نحن بتقديمنا ما مر كنا نبغي إيقاف القاري العزيز على أنّ الخلاف السياسي قد اثر على الاختلاف الفقهي بين المسلمين، و هو الأخر قد وضّح لنا اهداف بعض الجهات في التشريع الإسلامي.
و قد كنا بينا سابقا- في نسبة الخبر إلى ابن عباس- بعض الشيء في سبب اختلاف النقل عن الصحابي الواحد و الدواعي و الأسباب الكامنة وراءه، و الان مع بيان أمر آخر و هو دور الرأي و الاجتهاد في الانحراف الفقهي بعد رسول اللّٰه، لاعتقادنا بأن في تبيين هكذا أمور- غير مطروحة لحد اليوم- المعين الصافي و المنبع الدافق لتفهم تاريخ التشريع الإسلامي.