نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 329
قد امتنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة التي ينتقلون في ظلها و يأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوفين لها قيمة لأنّها أرجع من كلّ ثمن، و أجلّ من كلّ حظّ.
و اعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة إعرابا، و بعد الموالاة أحزابا، ما تنطقون من الإسلام إلّا باسمه، و لا تعرفون من الإيمان إلّا رسمه إلى أن يقول: ألا و قد قطعتم قيد الإسلام، و عطّلتم حدوده، و أمتّم أحكامه، ألا و قد أمرني اللّٰه بقتال أهل البغي، و النكث و الفساد في الأرض.
ثمّ أخذ يصف حاله مع رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و سبقه إلى الإسلام، بقوله: (أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب، و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضر، و قد علمتم موضعي من رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) بالقرابة القريبة، و المنزلة الخصيصة، و ضعني في حجره و أنا ولد، يضمّني إلى صدره، و يكنفني في فراشه، و يمسّني جسده، و يشمني عرفه، و كان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه، و ما وجد لي كذبة في قول، و لا خطلة في فعل، و لقد قرن اللّٰه به (صلّى اللّٰه عليه و آله) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم، ليله و نهاره، و لقد كنت اتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، و يأمرني بالاقتداء به، و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري، و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و خديجة و أنا ثالثهما، أرى نور الوحي و الرسالة: و أشمّ ريح النبوة، و لقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلّى اللّٰه عليه و آله)) [1].
المتقون و الفساق و بعض صفاتهم
ثمّ ذكر (عليه السلام) في آخر النص السابق عتوّ قريش على رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، و طلبهم منه أن يدعو لهم شجرة كانت أمامه (صلّى اللّٰه عليه و آله) أن تأتيه، فلما أتاهم بها أعرضوا كفرا و عتوا.
و الإمام في خطبة أخرى نقل لنا صفات المتّقين و الفساق ممّا يمكن أن يكون فيهما إشارة إلى الصنفين في عهده، فقال (عليه السلام) في صفة المتقين: