هكذا حكم الأصحاب- إلّا شاذّ منهم- بنجاسة
أهل الكتاب ايضا مستندا الى الكتاب و مستفادا من الآية الشريفة.
و لذا ترى انّ المحقّق قدّس سرّه يقول في باب الأسئار من المعتبر ما
حاصله انّ الكفّار قسمان: أحدهما أهل الكتاب ثانيهما غيره، مثل النواصب و الخوارج
و الغلاة و المشركين و غيرهم. [1] و ادّعى عدم الخلاف في نجاسة الثاني، و لم يعترض
عليه أحد، مع انّ مخالفة الخوارج لأهل الحقّ ليست إلّا في الولاية و الخلافة، و هم
لا يدّعون في ناحية المبدء أو المعاد أو النّبوّة شيئا جديدا غير معهود من
المسلمين، و لا أظنّ انّ أحدا قال بطهارتهم بل و لا مال إليها فهل ترى ذلك إلّا
لأجل انّ العلماء استفادوا و استظهروا من الآية نجاسة الكفّار مطلقا نجاسة عينيّة
ذاتيّة و اعتمدوا في افتائهم هذا على الآية الشريفة.
و امّا مخالفة شاذ منهم في نجاسة أهل الكتاب فهي لأجل أمور و
استدلالات نذكرها فيما سيأتي و نجيب عنها إنشاء اللّه تعالى و قد ذكرنا أنّهم أيضا
مشركون حقيقة و لا أقلّ من كونهم كذلك تنزيلا و بعبارة اخرى انّ منشأ حكم العلماء
بنجاستهم بل و منشأ كلمات الأئمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين و حكمهم بها
هو القرآن الكريم، و هذه الآية الكريمة التي تنادي بنجاسة المشركين بأعيانهم، كما
انّ أقدم المفسّرين ابن عبّاس يقول انّ نجاستهم كنجاسة الكلب و الخنزير [2] و
اعتقد بذلك الشيعة.
______________________________
[1]. المعتبر الطبع الجديد ج 1 ص 95 و عبارته كذا: و امّا الكفّار
فقسمان يهود و نصارى و من عداهما امّا القسم الثاني فالأصحاب متّفقون على نجاستهم.
[2]. و في التواريخ انّه قد مرّ أبو موسى الأشعري على عمر بحساب
فدفعه الى عمر فأعجبه فقال لأبي موسى: اين كاتبك يقرء هذا الكتاب على الناس؟ فقال:
انّه لا يدخل المسجد فقال: لم أجنب هو؟
قال: انّه نصراني فانتهزه و قال: لا تدنهم و قد أقصاهم اللّه و لا
تكرمهم و قد أهانهم اللّه و لا تأمنهم و قد خوّفهم اللّه. أوثق عرى الإيمان ص 92.