و التحقيق ان يقال: انّه لا حاجة في إثبات المطلوب إلى إثبات الحقيقة
الشرعيّة، فإنّ ظهور النجس في النجاسة الشرعيّة ممّا لا يقبل الإنكار، و هذا
يكفينا في إثبات ما نحن بصدده سواء كان ذلك من باب المجاز الشائع أو من قبيل
استعمال المشترك المعنويّ في أحد افراده.
و يمكن ان يقال هنا ايضا تثبيتا للمرام و تتميما للكلام انّه رتّب
النهى عن قربهم من المسجد الحرام- في الآية الكريمة- على نجاستهم حيث قال إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا. و النهى في الحقيقة متوجّه إلى المؤمنين و هم مأمورون بمنع
المشركين عن قربهم من المسجد، و العلّة في ذلك بمقتضى فاء التفريع هو شركهم فنضمّ
هذا إلى الإجماع القائم على عدم جواز إدخال النجس في المسجد و ننتج منهما انّ
المشرك نجس بالمعنى المصطلح حيث انّه هو الذي منع عن إدخاله في المسجد.
ان قلت: انّ كلمة (نجس) مصدر و لا يمكن حمل المصدر على الذات و لا
يصحّ وصف الجثّة بالمصدر فحينئذ لا بدّ من ان يقدّر معه (ذو) تصحيحا للحمل و فرارا
عن الاشكال فالتقدير انّما المشركون ذو نجس و قد صرّح الزمخشري بذلك قائلا: نجس
مصدر. و معناه ذوو نجس لانّ معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس و لأنهم لا يتطهّرون
إلخ[1] و هذا
يساعد النجاسة العرضيّة و يناسبها و من المعلوم انّهم لا يجتنبون عن النجاسات
كالخمر و الخنزير و غير ذلك و اين هذا من إثبات نجاستهم بذواتهم و أعيانهم الّتي
هي المدّعى؟
نقول: انّ بلاغة الكلام و لطافة التعبير في المقام تقتضي كونه مصدرا
محمولا على الذات من غير تقدير و لا تأويل، نظرا إلى المبالغة المطلوبة، فهم