أيضا كذلك فمتى ورد حكم من الأحكام المربوطة
بها استفيد منها هذا المعنى أعني الطهارة الشرعيّة و هي إحدى الطهارات الثلاث:
الوضوء، و الغسل، و التيمّم، أو الحالة الحاصلة للمتطهّر عقيب احدى تلك الثلاث
مثلا، فكان المسلمون عند سماع قول اللّه تعالى
وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً[1] أو
قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا[2]
يستفيدون- باعمال الشارع و تصرّفه من أوّل الأمر- الطهارة الشرعية من الحدث أو
الخبث و كما انّ الصحابة كانوا يتبعون نبيّهم الموحى إليه في أحكام الكتاب و السنة
و غيرها، كذلك كانوا يتبعونه في حقائق هذه الألفاظ، و ممّن ادّعى الحقيقة الشرعيّة
و بالغ عليه كثيرا هو صاحب الحدائق قدّس سرّه.[3]
و أورد بعضهم بأنّ دلالة الآية على نجاسة الكفّار و ان كانت تامّة غير قابلة
للإنكار الّا انّ المراد من النجاسة هو القذارة أي المعنى اللّغوي فلا حقيقة
شرعيّة في البين.
و فيه انّ الظاهر منها هو النجاسة المصطلحة اى العينيّة الذاتيّة.
هذا مضافا الى انّه منقوض أوّلا في خصوص بعض بل و كثير من الكفّار
حيث انّه في غاية النظافة الظاهريّة بحيث لا يرى في ظاهره قذارة أصلا.
و ثانيا بأنّ بعض المسلمين ايضا غير نظيف و بالجملة فالنجاسة اللغويّة
و العرفيّة لا تختصّ بالمشركين بل يشاركهم فيها غيرهم من المسلمين. [1] و قد ظهر
ممّا ذكرنا انّ ما أصرّ عليه الفقيه الهمدانيّ قدّس سرّه من الإيراد على صاحب
الحدائق مدّعيا انّ المراد من النجاسة هو المعنى اللّغوي، في غير
______________________________
[1]. يقول المقرّر: و هنا وجه آخر في الجواب عنه و هو انّ بيان
النجس العرفي أي القذارة خلاف وظيفة الشارع أو انّه ليس من وظيفته.