للكفر و النجاسة فإنّه خلاف الآيات الكريمة
الناطقة بالمعاد البدني [1] الناصّة في ذلك.
أضف الى ذلك انّ من يفسّر الآيات بهذا النحو و النسق وفقا لعقيدته
الفاسدة فكأنّه يتخيّل و يزعم انّ أحدا من الأكابر و الأصاغر لا يعرف و لا يفهم
معناها و انّما هو وحده قد فهمه، و مآل ذلك نزول القرآن لأجله فقطّ، كما انّه
يستلزم لغويّة نزوله بالنسبة إلى غيره من الناس حيث انّهم لا يفهمون معنى الآيات و
لا يفقهون مغزى معارف الكتاب و مستلزم لاغراء اللّه تعالى عباده بالجهل.
نعم الحكم بكفر القائل بالأمور المزبورة موقوف على علمه و التفاته
الى تلك اللوازم.
و قال تعالى كُلَّما نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ سورة النساء الآية 56.
و قال سبحانه وَ قالُوا
لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي
أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ سورة فصّلت الآية 21.
و قال تعالى أَ يَحْسَبُ
الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ
بَنانَهُ سورة القيامة الآية 3 و 4. الى غير ذلك من عشرات آيات صريحة في
ذلك.
فانظر بعين الإنصاف فهل يمكن توجيه هذه الآيات الشريفة و هل هي
قابلة للتأويل؟ و لذا قال بعض بعد ذكر آية أو لم ير الإنسان، إلى قوله: بكلّ خلق
عليهم، و نقل حكاية أبيّ بن خلف، الواردة في شأن نزول الآية: و هذا ممّا يقطع عرق
التأويل بالكليّة.
و قال العلّامة المجلسي رضوان اللّه عليه: اعلم انّ القول بالمعاد
الجسمانيّ ممّا اتّفق عليه جميع المليّين و هو من ضروريّات الدين و منكره خارج عن
عداد المسلمين و الآيات الكريمة في ذلك ناصّة لا يعقل تأويلها، و الاخبار فيه
متواترة لا يمكن ردّها و لا الطعن فيها و قد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسّكا
بامتناع اعادة المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه بل تمسّكوا تارة بادّعاء البداهة و
اخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة و اليقين و ترك
تقليد الملحدين من المتفلسفين انتهى.