بالبيّنات و الايمان)[1]
و كان يقضى بين الناس على حسب هذه الموازين العادلة اى بمقتضى بيّنة المدّعى، و
الّا فيمين المدّعى عليه، مع انّه كان عالما بحقيقة الأمر و متن الواقع، لكنّه كان
لا يعمل بعلمه المأخوذ من الغيب و لم يكن مأمورا أن يعامل المترافعين معاملة
الواقعيّات و الحكم بين الناس بحكم داود على نبيّنا و آله و عليه السلام و الأمر
فيما نحن فيه ايضا كذلك فانّ الملاك في الحكم بالارتداد و الكفر هو إظهار الرّدة و
إتيان كلمة الكفر عيانا أو بمثبت شرعيّ و امّا إتيانها خفاء و العلم بذلك بطريق
الوحي فلم يعتبر ذلك سببا للحكم بالكفر و الارتداد.
و ما نحن فيه كان من هذا القبيل فانّ المنافقين قد أقرّوا بتوحيد
اللّه و رسالة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و هم و ان خالفوا ذلك لكن مخالفتهم
كانت في الخفاء و عند شياطينهم و في أندية زملائهم مع احتفاظهم جدّا على ظاهر
الأمر فكانوا على ظاهرهم مسلمين و مقرّين في مجامع أهل الإيمان بالشهادتين و انّما
علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بما أتوا في الخفاء بعلمه الخاصّ الذي أشرق و
أفيض عليه من أفق الغيب، و ليس هو الملاك و المعيار في الحكم بالكفر، فلذا كان
يعاملهم على حسب ظاهرهم الذي هو الإسلام.
و هذا الحكم بعد ايضا كذلك فلو أقرّ شخص بالإسلام، ثمّ انّه قال
بكلمة الرّدّة في الخفاء، و لم يبرز منه الّا الإسلام و الاعتناق به، و لم يتفوّه
بشيء يخالفه، فهو مسلم عندنا.
و يؤيّد ما ذكرنا انّه في عصر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
ربما كان واحد منهم يقول بشيء يخالف الإسلام و بعد ما يؤاخذه النبي على ذلك
ينكره
[1]. وسائل الشيعة ج 18 ص 169 ب 2 من أبواب كيفيّة
الحكم ح 1 و باقي الحديث ايضا شاهد للبحث فراجع.