الماضية ما تطمئنّ إليه النفس فهذه بنفسها
كافية الّا انّ إثبات ذلك مشكل، فلم يثبت بحسب الظاهر سيرة متّصلة إلى عصر الأئمة
لعدم ابتلائهم بهذا في ذلك الزمان.
فتحصّل من جميع هذه الأبحاث انّه لم يبق في المقام شيء يستند إليه
في الحكم بالإلحاق الّا ان يكون الحكم إجماعيّا كما قد يدّعى ذلك، و على هذا فيحكم
بتبعيّتهم لهم في النجاسة بالإجماع، و يتمّ الأمر، امّا لو لم يكن إجماع أو شكّ في
قيامه و تحقّقه أو في تحقّق السيرة و لم يمكن إثبات الحكم من هذين الطريقين فالحكم
لا محالة هو الطهارة بعد الشك في ذلك، لترتّب النجاسة على الكفر و هو لم يتحقّق
بعد و المرجع عند الشك هو الطهارة.
لكن لا يخفى عليك انّه على هذا لا يجرى غيرها من الأحكام الإسلاميّة
على هذا الطفل قبل ان يبلغ الحلم لكونها مترتّبة على البالغ بخلاف الحكم بالطهارة
فإنّه مقتضى كلّ شيء لك طاهر حتّى تعلم انّه قذر.[1]
و لكنّ الإنصاف انه يمكن القول بالنجاسة لذهاب العلماء و الأصحاب الى ذلك و
استقرارا عملهم عليه على ما نعرف من حالهم و عدم وقوع مورد كان عملهم على خلاف ذلك
و الّا فلو كان لبان و بعبارة اخرى انّ الحكم بإلحاقهم بآبائهم و معاملتهم معاملة
النجس مشهور من كبار العلماء الأتقياء، حفاظ الشريعة، و حملة الكتاب، الذين نعرفهم
بكثرة الاهتمام بأمر الدين و لم ينقل في طول التاريخ حتّى من عظيم من عظماء الدين
و واحد من علماءنا الأجلّة الماضين و لا من غيرهم من الطائفة المحقّة انّه أنكر
ذلك و خرج عن هذه السيرة و الّا لذكر و نقل إلينا لكونه ممّا يقضي العادة بنقله، و
الترديد في الابتلاء في غير محلّه.