و امّا الثاني: فنقول: انّ الاستصحاب كما
ذكره علم التحقيق و التقى الشيخ المرتضى و المحقّقون، على قسمين: الاستصحاب
الموضوعي و الاستصحاب الحكمي لأنّه تارة يجري في الموضوعات، و اخرى في الأحكام، و
ثمرة استصحاب الموضوع جعل حكم الموضوع و ترتيبه عليه في الآن اللاحق، مثلا لو شكّ
في انّ الخمر الكذائي صار خلّا أم لا فيجري استصحاب الخمريّة، و فائدته جعل
الحرمة- الّتي كانت متعلّقة بالخمر المعلوم- لهذا المشكوك و امّا استصحاب الحكم
فإنّه جعل حكم كالحكم السابق الّا انّ الحكم السابق كان حكما واقعيّا و هذا الحكم
الفعلي حكم ظاهريّ، فلو شكّ في وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة بعد ان كانت واجبة
في زمن الامام عليه السلام فيستصحب وجوبها و معنى استصحابه جعل (صلّ) فعلا نظير
«صلّ» في زمن الحضور مع تفاوت انّ الأوّل واقعيّ و الأخير ظاهريّ.
ثمّ انّ بين الموضوعات و الأحكام فرقا و هو انّه يمكن في الموضوعات
جعل الحكم للفرد و يمكن جعله للجامع فإذا قيل: ان جاءك زيد فأعطه درهما، فقد حكم
بالإعطاء بشخص زيد و خصوصية الزيدية ملحوظة عند المتكلّم امّا إذا قيل: ان جاءك
إنسان أو فقير مثلا فأعطه درهما، فهنا قد تعلّق بالجامع و لوحظ القدر المشترك و
الكلىّ بين زيد و غيره.
و امّا الأحكام فلا يمكن فيها جعل القدر الجامع بل لا بدّ من جعل شخص
الحكم و لا يزال المجعول في الأحكام يكون شخصيا و ليس جامع الحكم مجعولا ابدا فانّ
الجامع أمر انتزاعي لا يكون بحذائه في الخارج شيء بل ما كان بحياله هو الافراد
فقط.
إذا تحقّق هذا فلا يصحّ ان يقال: النجاسة الجامعة كانت موجودة سابقا
و الآن شكّ في بقاءها فهي في الحال أيضا موجودة لأنّها بلحاظ كونها جامعة بين