دليلنا على صحة مذهبنا: اجماع الفرقة المحقة، وأيضا فإن التيمم إنما أبيح للضرورة والحاجة، ولا يجوز استعماله قبل تحقق الضرورة وتأكيد الحاجة، ألا ترى أن أكل الميتة لما أبيح [1] للضرورة، ولم يجز استعماله إلا عند تأكيدها؟! المسألة الثانية والخمسون: " السعي في طلب الماء واجب (*) ". وهذا صحيح، وطلب الماء واجب عندنا، ولا يجوز التيمم قبل الطلب، ووافقنا على ذلك الشافعي [2]. وقال أبو حنيفة وأصحابه: الطلب غير واجب [3]. دليلنا على صحة مذهبنا: اجماع الفرقة المحقة، وأيضا فإن تحقيق الكلام في هذه المسألة وتقريره يقتضي الاجماع على أن الطلب واجب، وإنما يبقى الكلام في كيفية الطلب، لأنا نقول لأصحاب أبي حنيفة: خبرونا عمن لم يجد ماء بحضرته [4]، وكان بين يديه إناء مغطى الرأس يجوز أن يكون فيه ماء، أتوجبون عليه كشفه ومعرفة ما فيه، أم لا توجبون ذلك؟. فإن قالوا: لا يجب عليه كشف الإناء، وجائز له التيمم، لأنه غير واجد الماء ولا عالم به.
[1] كلمة " لما أبيح " ساقطة من (د) و (ط). * حكاها في البحر عن العترة القاسمية والناصرية ج 1 ص 113 (ح). [2] الأم 1: 62، مختصر المزني (ضمن كتاب الأم) 8: 99، المجموع شرح المهذب 2: 249، حلية العلماء 1: 244، المغني لابن قدامة 1: 236، بداية المجتهد 1: 68. [3] المبسوط للسرخسي 1: 108، الهداية للمرغيناني 1: 28، شرح فتح القدير 1: 125، اللباب في شرح الكتاب 1: 35، المجموع شرح المهذب 2: 249، بداية المجتهد 1: 68، المغني لابن قدامة 1: 236. [4] في (د) و (ط): " ما يختص به " بدل " ماء بحضرته ".