شملهم به استخفافهم ذلك و بما كسبت أيديهم و بإيثارهم العمى
على الهدى كما قال عز و جل- وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ
فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[1] و كما قال أَ
فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ[2] يريد على علم
لعناده للحق[3] و استرخائه
إياه و رده له و استمرائه الباطل و حلوه في قلبه و قبوله له و اللَّهُ لا يَظْلِمُ
النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ و هم المعاندون
لشيعة الحق و محبي أهل الصدق و المنكرون لما رواه الثقات من المؤمنين عن أهل بيت
رسول الله ص الرادون العائبون لهم بجهلهم و شقوتهم القائلون بما رواه أعداؤهم
العاملون به الجاعلون أئمتهم أهواءهم و عقولهم و آراءهم دون من اختاره الله بعلمه
حيث يقول- وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ[4] و نصبه و
اصطفاه و انتجبه و ارتضاه المؤثرون الملح الأجاج على العذب النمير الفرات[5] فإن صون دين
الله و طي علم خيرة الله سبحانه عن أعدائهم المستهزءين به أولى ما قدم و أمرهم
بذلك أحق ما امتثل.
ثم ابتدأنا بعد ذلك بذكر
حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به و ترك التفرق عنه بقوله- وَ اعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا[6] و ما روي في ذلك.
و أردفناه بذكر ما روي
في الإمامة و أنها من الله عز و جل و باختياره كما قال تبارك و تعالى- وَ رَبُّكَ
يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ[7] من أمرهم و
أنها عهد من الله و أمانه يؤديها الإمام إلى الذي بعده.